1- خطط طموحة
النفط في دبي يشكل اليوم أقل من 2% من الناتج المحلي مقارنة بـ 55% عام 1981. ومساهمة القطاعات غير النفطية في الدولة بلغت أكثر من ثلثي إجمالي الناتج المحلي، وهذا يعني قلة الاعتماد على مصادر النفط، وهناك توقعات بألا يتجاوز الاعتماد على النفط 20% من الناتج بحلول 2021، حيث ركزت رؤية الإمارات 2021 ورؤية أبوظبي 2030، على أهمية بناء قاعدة اقتصادية مستدامة، وفي أبوظبي تم وضع هدف تقليل اعتماد الناتج المحلي من 58% عام 2008 إلى 36% عام 2030.
المناطق الحرة لعبت دوراً أساسياً في نجاح الإمارات في التنويع الاقتصادي، وكان لدبي السبق في هذا المجال، حيث بنت ميناء جبل علي عام 1979، رغم كل الشكوك التي صاحبت هذه الفكرة وقت إطلاقها، وحالياً جبل علي هو أكبر وأكثر ميناء ازدحاماً في منطقة الشرق الأوسط، وتعتبر دبي ثالث أكبر منطقة بها إعادة تصدير بعد هونغ كونغ وسنغافورة.
وبسبب التنافسية العالية لدبي المتمثلة في بنية تحتية ممتازة وبيئة جاذبة وخدمات متطورة، حازت دبي على ثقة العديد من المستثمرين، حيث تمثل المناطق الحرة نحو 80% من صادرات دولة الإمارات غير النفطية، وفي دبي 76% من مجمل صادراتها تأتي من المناطق الحرة، ويوجد في الإمارات حالياً أكثر من 40 منطقة حرة، 23 منها تقع في إمارة دبي.
مؤخرًا انصب تركيز مدينة دبي على بناء اقتصاد معرفي، بداية من الحكومة الذكية وأهمية ربط إنترنت الأشياء، حيث تتميز الإمارة بميزة تنافسية في ارتفاع نسبة استخدام الكمبيوتر والتطبيقات الذكية.
وهذه التجربة اتسعت لتشمل الدولة وباتت الإمارات في قائمة الـ 20 دولة التي يمكن تسميتها بالدول الذكية على مستوى العالم، وهنا نذكر فنلندا كإحدى الدول التي لا تمتلك الكثير من الموارد الطبيعية وفيها أعلى مستويات دخل الفرد، وذلك بسبب أن اقتصادها تحول إلى الاقتصاد المعرفي الذي يصنع الثروة من خلال صنع المعرفة. بالإضافة لأن دبي طورت نظاماً اقتصادياً مبنياً على المعرفة للاستفادة من موقع دبي الجغرافي والتنوع الثقافي والانفتاح التجاري، ناهيك عن سعي دبي لخدمة الاقتصاد الإسلامي. وهذا يعني التنويع بناء على نقاط القوة الناجحة التي تتمتع بها الإمارة مثل الطيران والإنشاء، فهناك مجال لدبي لتكون مركزاً عالمياً في صيانة الطائرات أو الأبنية الخضراء المستدامة.
3- ابتكار
ركزت دولة الإمارات على الابتكار كونه أحد أعمدة التنويع الاقتصادي، وتبنت عدة شركات وطنية طرح أفكار وحلول مبتكرة للصناعات الحديثة، مثل شركة الإمارات العالمية للألمونيوم والتي ركزت جهودها على الأبحاث والتطوير حتى أصبحت رابع أكبر منتج للألمونيوم في العالم، كذلك الأمر جاء التركيز على الابتكار في القطاع الحكومي، بما يصب مباشرة في تطوير المعرفة، ونلاحظ عدة مبادرات نوعية منها مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي، إضافة إلى إطلاق الاستراتيجية الوطنية للابتكار عام 2015، والذي أطلق عليه عام الابتكار.
ومن المبادرات الجديرة بالذكر شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» التي تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على البيئة، ودعم الطاقة المتجددة والمساهمة في تنويع الاقتصاد الإماراتي.
4- أسعار النفط
كانت ولا زالت أسعار النفط كانت متذبذبة، ولكن الهبوط الأخير فيها كان بمثابة تذكير لأنظمة الاقتصاد المعتمدة على النفط بأن هذا المصدر هو مصدر ناضب ولا يمكن اعتماد الأجيال القادمة عليه، وأخيراً لاحظنا رفع الدعم على أسعار الكهرباء في السعودية، وتحرير أسعار الوقود في الإمارات لكن عملية التحول والتنوع الاقتصادي التي تشهدها الدولة غير مرتبط بالهبوط الأخير، وهي عملية تنموية مدروسة بدأت منذ سنوات عدة.
يتصدر التنويع الاقتصادي برامج الحكومات في دول مجلس التعاون، ويبدو ذلك الاهتمام جلياً في مليارات الدولارات التي تصرفها هذه الحكومات لتحقيق هذا الهدف حيث اتجهت دولة الإمارات إلى الصناعات والمعادن مثل الألمونيوم والحديد والفولاذ، إضافة للتشييد والبناء والخدمات اللوجستية والسياحية والمصرفية، إضافة إلى خلق قطاعات جديدة مثل الطاقة المتجددة والبتروكيماويات والطيران مع عدم إهمال أهمية دعم المشاريع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
5- نموذج مميز
تولى القيادة في الإمارات موضوع التنويع الاقتصادي أهمية خاصة، ونجحت الدولة في خلق نموذج اقتصادي مميز أبهر العالم، وبرزت الدولة كمصدر تجاري واستثماري رائد في المنطقة والعالم، وأثبت هذا النموذج فعاليته في خلق اقتصاد قوي مكن الدولة من تجاوز الأزمات الاقتصادية مثل الأزمة المالية الأخيرة. هذا غير المخزون الاحتياطي الضخم الذي تملكه الدولة، ويجعلها مهيأة لتجاوز أي انخفاض لأسعار النفط كالذي تشهده الدولة هذه الأيام.
إن اقتصاد الإمارات هو الأكثر انفتاحاً وحيوية في المنطقة، وهو ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة بعد السعودية، حيث أكدت عدة تقارير محلية ودولية، أن الإمارات انتقلت من كونها اقتصاداً نفطياً إلى اقتصاد التنوع الإنتاجي في كل المجالات، وينبغي استمرار ثلاثية التنويع، والتي تتضمن تنويع الاقتصاد وتنويع الإيرادات وتنويع مصادر التمويل.