-->

الحمل بعد الـ40 ممكن.. فهل يستحق المجازفة؟


 لا تقتصر الأمومة على عمر محدّد، فكل امرأة تحلم باختبار هذا الشعور ولو حتّى في عمر متأخّر. ولكن لطالما فكرت السيدات مرتين بإقدامهنّ على الحمل في عمر الـ40 لما في ذلك من مضاعفات قد يواجهنها هنّ وأجنّتهن. فهل يمكن تحقيق ذلك دون مخاطر؟
كثيرة هي الأسباب التي قد تمنع المرأة من الإنجاب في سنّ مبكرة، كالتفرّغ لحياتها المهنية أو البحث عن الشريك المناسب لفترة طويلة، أو حتّى معاناتها من مشكلات طبية فد تمنع تحقيق ذلك.
ومهما كان السبب، فمن المهم أن تعلم المرأة انه ما زال باستطاعتها أن تصبح أمّاً حتّى في سنّ متقدّمة. ولكن لهذه الخطوة بعض المضاعفات على الحامل والجنين والتي يمكن الحدّ منها باتّباع بعض النصائح الطبية.
في هذا السياق، حاورت قال الاختصاصي في الأمراض النسائية والتوليد وحالات الحمل المتعثّرة وجراحة المنظار، الدكتور انطوان فرنجية إن "ليس غريباً على المرأة أن تتمكّن من الحمل إذا كانت لا تزال دورتها الشهرية طبيعية. وحتى الـ44 من عمرها يمكنها أن تحمل من بويضاتها الخاصة، على أن يتمّ الاتّكال بعد هذا العمر وحتى عمر الـ51 كحدّ أقصى على بويضات شخص آخر في المختبر".
مخاطر خلال الحمل
تسعى النساء في أيامنا هذه الى الزواج في عمر الـ40 أو ما فوق. وبحسب الإحصاءات، في الـ1970 كانت واحدة بين كل 100 امرأة تتزوج فوق الـ35 من عمرها، أمّا في أيامنا هذه فتغيّرت هذه النسبة لتصبح أنثى بين كل 7 تتزوّج فوق هذا العمر، ويعود السبب في ذلك أنّ النساء في غالبيتهن بتن يركّزن على دروسهن واختصاصاتهنّ والعمل على بناء وتطوير وظائفهن.
ولكن ما هي المخاطر التي تواجه النساء بعد الزواج في هذا العمر والتفكير بالحمل، وهل من داعٍ الى التفكير مرتين قبل الإقدام على هذه الخطوة؟
بحسب د. فرنجية "لدينا نوعان من الإناث في هذا الموضوع، النوع الاول: اللواتي يردن إنجاب طفلهن الأول في هذا العمر، والثاني: اللواتي يسعين الى إنجاب الطفل الثاني في هذا العمر. بشكل عام إنّ المخاطر التي يمكن أن تتعرّض لها المرأة في هذا العمر كثيرة، رغم أنّه من المهم معرفة أنّ الاكثرية ستُنجب دون أيّ مشكلات جدّية شرط أن تكون صحة المرأة جيدة قبل الحمل".
ولكن تبقى هناك نسبة من المخاطر على الأم والجنين وتتلخّص في الآتي:
إرتفاع في ضغط لأم والإصابة بالسكري خلال الحمل
مشكلات في كروموزومات الجنين، فإذا كانت الحامل في عمر الـ40 يصبح خطر إصابة الطفل متلازمة تثلث الصبغي 21 (Trisomy 21 syndrome) أو متلازمة داون (Down syndrome)، وغيرها من الامراض 1 في المئة، وتزيد هذه النسبة في عمر الـ46
إرتفاع نسبة الإجهاض أو الولادة المبكرة لا سيما عند الحوامل العاملات
زيادة بسيطة في نسبة الأجنّة التي يمكن أن تموت داخل رحم الأم
تعرّض البلاسنتا للتكلّس بشكل أكبر
• إرتفاع احتمال الولادة القيصرية
ويضيف د. فرنجية: "تجدر الاشارة الى أنه في هذا العمر يمكن أن تعاني المرأة عدداً من المشكلات الصحّية مثل السكري والضغط أو سرطان الثدي، أو الألياف داخل الرحم. وهذه المشكلات الطبية تزيد من مخاطر الولادة، وتستدعي عناية ووقاية منتظمة وتشخيصاً جيداً لا سيما في بداية الحمل. ومن المهم أن تتمّ متابعة الحامل من قبل المختصّين بهذه الحالات التي يكون فيها الخطر مرتفعاً وللتأكّد من سلامة جينات الجنين".
تطوّر لحمل آمن
منذ سنتين حتى اليوم، تطوّرت وسائل التشخيص بشكل كبير، وأصبحت اكثرَ دقة ما عاد بالفائدة على الحوامل كبيرات السن. ويوضح د. فرنجية أنّه "كنّا نتّكل سابقاً على بعض الفحوصات مثل التشخيص بالموجات فوق الصوتية وفحوصات الدم المخصّصة لهذا الغرض، وفحوصات اخرى لم تكن جميعها دقيقة.
هذه الطرق تبدّلت حديثاً وأصبحت طرق التشخيص الموضوعة في هذا الإطار أكثرَ فعالية ونتيجتها 99.9 في المئة، وتكشف عمّا إذا كان الجنين يعاني من أيّ مشكلة في الجينات. ونشدّد على أهمية التزام الحامل بالتوجّه للكشف من قبل الاختصاصي لأنّ المتابعة الدقيقة أساسية للتخفيف من أيّ مضاعفات".
الكوما خلال الولادة
كثيراً ما يُطرح سؤال عمّا إذا كان الحمل في عمر الـ40 يزيد من نسبة الاصابة بالتوحّد بالنسبة للطفل، إلّا أنّه لم تربط أيّ من الدراسات علاقة التوحّد بعمر الأم. ولكن ماذا عن المشكلات التي يمكن أن تواجهها الحامل خلال الولادة؟
يجيب د. فرنجية "تكون الحامل عرضة خلال الولادة الى ارتفاع الضغط كما ذكرنا سابقاً الامر الذي يمكن أن يسبّب لها «الكوما»، وهذه المشكلة لا تقتصر على الكبيرات في السن ولكن نسبة حصول هذه المشكلة تكون اكثر ارتفاعاً في الـ40 عموماً والـ50 خصوصاً. كما أنّ الخطر الموجود خلال الولادة مشابه للولادة في أيِّ عمر إذا كانت السيدة تعاني من مشكلات صحّية".
إرشادات
السيدات اللواتي سيحملن في عمر الـ40 في غالبيتهنّ سيلدن مولودهنّ بخير وسلامة، شرط اتّباعهنّ بعض النصائح بجدّية، اضافةً الى التقيّد بالفحوصات التي تجرى قبل الحمل لمعرفة ما هي المشكلات التي يمكن أن يتعرّضن لها خلال الحمل لمتابعتها كما يجب والمواظبة على الكشف الدوري عند طبيبها المعالج.
وينصح د. فرنجية أن "تحمل السيدة قبل الـ36، للتخفيف من كل المشكلات التي تسبّبها عوامل عدّة كالتلوّث مثلاً، وهذا ينطبق أيضاً على الشريك الآخر أي الرجل لأنّ فعالية السائل المنوي في عمر أصغر تكون أفضل. ولكن في حال تمّ الزواج في عمر الـ40 فنحن ننصح أن تحمل المرأة سريعاً دون تأجيل هذه العملية، لأنه في حال لم تتمكّن من ذلك من الضروري أن يتوجّه الشريكان عند الاختصاصي للفحص والتأكّد من المشكلات التي تعرقل الحمل لحلّها.
ومن الخطوات الأساسية للراغبات في الحمل في عمر الـ40 اتّباع حياة صحّية كممارسة الرياضة الخفيفة، وحلّ مشكلة البدانة في حال عانين منها، التوقّف عن التدخين واحتساء الكحول والقهوة، والحصول على عدد من الفيتامينات مثل فيتامين "د"، وفيتامين الـ "Q10" والفوليك اسيد (Folic acid)، بهدف تحضيرهنّ لهذه المرحلة بشكل آمن".