
- كان آينشتاين
يعتقد أن الكون عبارة عن نطاق كبير لا متناهي وشامل , واقترحت نظريته (
النسبية العامة ) نموذجاً لكون متجانس ومنحني مكانياً وتهيمن عليه قوة
واحدة - هي قوة الجاذبية .
ومع ذلك فإذا كانت قوة الجاذبية وحدها
هي التي تسيطر على بينة الكون , فحينئذ ستنجذب كل المواد في الكون إلى
بعضها البعض , وسينهار الكون في النهاية بسبب وزنه وكثافته العالية .
ولكن من الواضح ان ذلك لم يحدث ..
فالكون مستقر منذ نشأته , ولتحليل استقرار الكون الظاهر لنا , ضم آينشتاين
إلى معادلاته ثابت يعمل على تحييد قوة سحب الجاذبية المؤثرة على بنية الكون
, وسماه ( الثابت الكوني ) , لذا كان الكون في ذهن آينشتاين هو ذلك المكان الثابت والساكن بلا تمدد أو تقلص .
وكما تبين بعد ذلك - أن آينشتاين كان مخطئاً - على الرغم من أنه تدارك خطأه وتجاهل عالمه الساكن بعد اكتشاف "إدوين هابل"
الثوري , حيث لاحظ هابل أن المجرات المجاورة لمجرتنا درب التبانة تبتعد
عنا , وكما لاحظ هابل كيف زادت أطوال الموجات الضوئية المنبعثة من تلك المجرات وعٌرفت تلك الظاهرة بـ ( الإنزياح نحو الاحمر
) , حيث كان هناك علاقة بين المسافة والطيف الأحمر للضوء , فعند ابتعاد
الاجسام عن مجرتنا يميل طيف الضوء الصادر منها إلى الاحمر بينما عند
اقترابها يميل طيف الضوء منها نحو الازرق .
وعلى الرغم من أن آينشتاين كان مدعوماً
من قِبل العديد من أرقى علماء الفيزياء الفلكية في جيله إلا أنه قام
بتعديل نموذجه الكوني , واعتمد نظرية الكون المتوسع بعد ما يقرب من 14
عاماً .
![]() |
مجرة درب التبانة - الطريق اللبني Milky Way |
ومع ذلك لا يقتصر الكون على التوسع
فحسب , بل يتسع نطاقه بسرعة أيضاً , وهذا يعني أن المجرات البعيدة عنا
تنكمش بسرعة أكبر بكثير من المجرات الأقرب إلينا ...
وفي الوقت الحالي يتم حساب معدل توسع الكون - أو ما يُعرف بثابت هابل - بـ 44,7 ميلاً في الثانية لكل ميغا فرسخ فلكي (واحد من الفرسخ الفلكي يساوي ما يزيد قليلاً عن ثلاث سنوات ضوئية) , ووفقاً لهذه القيمة فإن المسافة بين الأجسام الكونية سوف تتضاعف في 9.8 مليار سنة أخرى! .
إذن ... ما القوة الغامضة التي تقود الكون إلى هذا التوسع أو التمدد الإستثنائي ؟
- إكتشاف هابل يُعتبر واحداً من أهم
الإكتشافات في تاريخ الفلك , ويثبت أن توسع الكون لا تتحكم به قوى واحدة
فقط بل اثنتين , إحداهما هي قوة سحب الجاذبية الداخلية , والأخرى قوى طاردة
غامضة تحيط بالمادة .
وفي حين أن قوى الجاذبية تعمل على جذب
الأجسام الكونية نحو بعضها البعض , فإن القوى الطاردة الموجودة في الفراغ
بين المواد تفعل عكس ذلك , وتباعد بين تلك الأجسام الكونية .
إن القوى الطاردة في الكون هي قوى غامضة , يُشير إليها علماء الفضاء باسم ( الطاقة المظلمة ) , وما يُحير العلماء بشأنها أكثر , هو من أين تأتي تلك الطاقة ؟
وذلك على الرغم من أن معادلة آينشتاين الأكثر شهرة E = MC²
تظهر أن الكتلة والطاقة وجهان لعملة واحدة , وأنهما أشكال مختلفة للكيان
نفسه , فالكتلة يمكنها أن تتحول إلى طاقة والعكس , مثل تحول كتلة الشمس إلى
طاقة داخل مركزها .
لكن ماذا عن الطاقة المظلمة ؟ هل تنطبق عليها تلك المعادلة ؟
هذا ما يحير العلماء .. فالطاقة
المظلمة موجودة في الفضاء بكمية هائلة حتى عندما يكون الفضاء خالياً من
المادة أو الإشعاع , فكيف يكون هذا ممكناً ؟!
في الواقع يتكهن البعض ان الفراغ ليس
فارغاً , ولكنه يحتوي على جزيئات مجهولة المصدر , أو يمكن أن تكون هناك قوة
جديدة غريبة لم نكتشفها بعد , ربما لأن فهمنا لقوانين الكون مازال غير
كامل .
ولكن في الوقت الحالي يُعتقد أن الطاقة المظلمة هي تجسيد لثابت آينشتاين الكوني - وهذا الثابت الكوني هو السبب في خطأ آينشتاين .
على كلٍ فإن فكرة الطاقة المظلمة غريبة
وغامضة بالنسبة للعلماء حتى الآن , خاصة وأنها تشكّل حوالي 70% من مادة
الكون , بينما تمثل المادة المرئية 4% فقط من الكون .
Post a Comment