![]() |
source - pixabay |
- طوال التاريخ , ربط الناس كثير من
الأمور الغريبة بالسحر والشعوذة واللعنات, وتلّبس الشياطين , ربما كانوا
صادقين في بعضها , فالعالم ليس كتاباً مفتوحاً أمامنا , والظواهر الخارقة
يمكنها ان تحدث أحياناً , ولكن ان يغلب هذا التفسير الماورائي على معظم
الحالات الغير قابلة للتفسير وقتها , دون إشراك العلم ولو قليلاً في
التفسير.. هذا ما ميّز العصور الوسطى , وبعض عصور ما قبل التاريخ ..
فعندما تم إحراق الكثير من الناس
المتهمين بالسحر والهرطقة , على مر العصور , كانت السلطات الحاكمة وقتها
تظن أنها تدافع عن الناس ضد فنون السحر الأسود
, وإستحواذ الشياطين على البشر , وبدون هذا النوع من المعرفة الطبية
المتقدمة التي نعيشها اليوم , أرجع الناس الإصابة ببعض الأمراض العقلية
والنفسية وحتى العضوية إلى القوى الخارقة للطبيعة .
يقول Lois N. Magner - الخبير في تاريخ العلوم الطبية , في كتابه " تاريخ الأمراض المعدية والعالم الميكروبي " الإعتقاد
بإن القوى الخارقة للطبيعة تسببت في الأمراض كان إعتقاداً عالمياً في
مجتمعات ما قبل التاريخ , وحتى في الحضارات الرائعة التي تطورت في الفترة
ما بين 3500 إلى 1500 سنة قبل الميلاد , في بلاد ما بين النهرين , مصر,
الصين , والهند " .
فعلى سبيل المثال - كانت الأساطير الهندوسية في الهند
في العصور القديمة , تصوّر مجموعة من الآله في مواجهة مجموعة من الشياطين
القادرة على التسبب في الأمراض والأوبئة , وكيف أن تلك الآلهة والمعالجين ,
يصارعون تلك الشياطين " ...
ولكن هناك بعض الأمراض المحددة التي كانت مرتبطة أكثر من غيرها بالسحر والقوى السوداء في إعتقاد الناس قديما .. سنذكر منها ما يلي :
1- الصرع
- الصرع هو حالة عصبية , تسبب نوبة مرضية عن طريق إرباك النشاط الكهربائي في الدماغ ,
ويعاني منها حوالي 65 مليون شخص في جميع أنحاء العالم , ووفقاً لمؤسسة
الصرع التي تضم حوالي 3 مليون شخصاً مريضاً بهذا المرض من الولايات المتحدة
- أنه عند حدوث النوبة المرضية في مرض الصرع , فإن المريض يصبح مشوشاً
ومرتبكاً , وقد يصاب بدوار , وقد يفقد الوعي , وربما يتعرض المريض خلال تلك
النوبة لرعشة وتشنجات , وإنتفاضة للجسم , أو حتى التعرض إلى نوبة ضحك ,
ولذلك فإن كل تلك الأعراض التي يتعرض لها مريض الصرع , ولا يستطيع وقتها
السيطرة على جسده , تجعل مظهره أمام الناس غريباً , وتصرفاته بعيدة عن
تصرفات أي شخص طبيعي , لذا إعتقد البعض قديماً أن كل ذلك كافي تماماً
لإتهام شخصاً ما بممارسة السحر أو الإصابة بلعنة ما .
2- الأمراض العقلية
- لأن الأمراض العقلية مثل الفصام ,
وإضطراب الهوية الإنفصامية , يمكن أن تسبب تغيرات عاطفية وسلوكية لدى
المريض , فقد ساء فهم تلك الأمراض قديماً في كثير من المجتمعات , وتم وصمها
بالسحر وإستحواذ الشياطين
, حتى أن كثيراً من المصابين بالأمراض العقلية مثل الإنفصام تعرضوا لجلسات
طرد الارواح الشريرة مراراً , وبعضهم تم إتهامه بممارسة السحر ومن ثم
إحراقهم , على الرغم من أنهم كانوا يعانون من إضرابات عقلية واضحة .
ومن المأسوي فعلاً , وجود بعض الثقافات
من حول العالم التي لاتزال تعتقد أن السحرة وراء الإصابة بالمرض العقلي ,
فوفقاً لصحيفة الجارديان - أنه في غايانا
زاد معدل الإنتحار بشكل كبير نتيجة الأمراض العقلية , في حين أن بعض
السكان يعتقدون حتى الآن أن ذلك من جراء لعنات السحر الأسود , وغالباً ما
تنبذ تلك المجتمعات المصابين بتلك الأمراض , حتى انه في بعض الأحيان يتم
الإعتداء عليهم جسدياً بتأييد بعض الزعماء الدينيين .
3- التسمم بالفطر إرغوت
- عندما يتناول الإنسان طعاماً ملوثً
بفطر إرغوت السام , فإنه من الممكن أن تظهر عليه أعراض مرض الصرع , وبعض
الأمراض العقلية الأخرى , مثل التشنجات العضلية العنيفة , القيء , الأوهام ,
الهلوسة , الزحف , وتهيج الجلد , ومجموعة من الأعراض الأخرى - وكل تلك الأعراض كانت مذكورة بالفعل في سجلات محاكمة الساحرات الشهيرة في سالم خلال العصور الوسطى - وكانت المتهمات بالسحر مصابات بتسمم الفطر على الأرجح ولم يكنّ ساحرات .
4- إلتهاب الدماغ
- يعتقد الكثيرون أن مرض إلتهاب
الدماغ من أكثر الأمراض التي ألقت بمن يعانونه إلى النيران , فوفقاً
للمعهد الوطني للإضطرابات العصبية والسكتات الدماغية " أن
هذا المرض الغير معروف سببه , يسبب إلتهاباً شديداً في الدماغ , ويأتي مع
إرتفاع شديد في درجة الحرارة , وصداع , ويمكن أن يعاني المريض من الرؤية
المزدوجة , والتأخر البدني , والعقلي , والخمول , بل قد يؤدي إلى غيبوبة
أيضاً , كما تظهر بعض الأغراض المخيفة , مثل حركة العين الغير طبيعية , ضعف
الجزء العلوي من الجسم , آلام العضلات , الهزات , تصلب الرقبة , والتغيرات
السلوكية بما في ذلك الذهان " - هي بالطبع حالة نادرة , ولكنها
مخيفة , حيث تقول هيئة الإذاعة البريطانية " بي بي سي BBC" أن طبيبة تُدعى
ستافيا بلنت Stavia Blunt , قد وصفت حالة واحدة رآتها في أوائل التسعينات
حيث تقول " لقد صُدمت من مظهرها , فقد كانت تحكّ جلدها بطريق غريبة للغاية -
الأمر كان غريباً " , وبالطبع كان الأمر أغرب بالنسبة لأولئك الذين لا
يعلمون شيئاً عن ما وصلنا إليه من علم في مجال الأعصاب اليوم , لذا كان من
الأسهل ربط تلك الأعراض المخيفة بالسحر والظواهر الخارقة .
إرسال تعليق