
- تعتبر بحيرة قارون Lake Qarun الواقعة في محافظة الفيوم أحد المواقع التاريخية المهمة في مصر , فسوف تجد في ذلك المكان الراحة والهدوء والمتعة أيضاً بسبب وجود كل تلك المناظر الطبيعية الأخاذه , والتي تحبس الأنفاس , فضلاً عن المواقع التاريخية والثقافية المدهشة .
- وهي تقع جنوب شرق القاهرة و هي بحيرة ضخمة تجلب الحياه للهضاب والكثبان الراقدة في صحراء مصر الغربية , وطوال تاريخ مصر , إرتبطت بالقصص والأساطير , وغير ذلك أرتبطت بإسم واحداً من أشهر شخصيات عصر نبي الله موسى عليه السلام والمذكور في الكتب المقدسة .
- كما أنه على مر التاريخ كانت الفيوم مدينة مشهورة نظراً لموقعها المركزي على الطريق التجاري بين واحات مصر الغربية وممفيس عاصمة مصر القديمة , حيث كانت تمثل اوى جيد للقوافل التجارية .
البحيرة في العصور القديمة
عندما كان البحر المتوسط غائراً وجافاً
في نهاية العصر الميوسيني , وكانت الأنهار المتصلة به جافة كذلك ومنها نهر
النيل , كانت الفيوم جافة تماماً , وبعد أن أمتلأ البحر المتوسط بالماء في
نهاية العصر الميوسيني , تدفق ماءه إلى نهر النيل الذي لم يحوي مياه, حتى
تدفقت المياه إلى الجزء السفلي من الوادي بشكل أعمق حتى 2,400 متر حيث
القاهرة الآن , ووصل نهر النيل إلى ما هو أبعد من مدينة أسوان , وعلى مدى
الوقت الجيولوجي تكّون الطمي تدريجياً وتشكل وادي النيل , وفي نهاية المطاف
, كان النيل مليئاً بالماء بشكل كافي لإحداث فيضانات تجاوزت الفيوم ,
وصنعت البحيرة .
وقد سُجلت البحيرة لأول مرة من حوالي 3000 قبل الميلاد , في وقت قريب من حكم الملك نارمر لمصر , وكانت مياهها عذبة .
- قبل حكم الأسرة الفرعونية الثانية عشر لسنوسرت الأول وإبنه أمينمحات الثالث
, كانت محافظة الفيوم مغطاه بالكامل بالبحيرة , وفي محاولة لإستصلاح
الأراضي , قام الفراعنة بحفر سلسلة من القنوات التي تربط بحيرة قارون
بالنيل , وإستنزف ذلك الكثير من البحيرة .
و لم يتبقى سوى جزء صغير من تلك البحيرة , التي تغطي مياهها مساحة 53,000 فداناً .
- فا في عام 2300 قبل الميلاد تم توسيع وتعميق الممر المائي من النيل إلى البحيرة الطبيعية لصنع قناة تعرف الآن بإسم " بحر يوسف
" , وقد بدأ هذا المشروع من قِبل إمينمحات الثالث , او بواسطة والده
سنوسرت الأول , وكانت هذه القناة تغذى البحيرة بمياه النيل , , حيث كان
الهدف منها
- السيطرة على فيضان النيل
- تنظيم مستوى مياه النيل خلال مواسم الجفاف
- توفير الري للمنطقة المحيطة
لذا فإن تلك المشروعات المائية الضخمة
التي قام بها الفراعنة المصريون من الأسرة الثانية عشر لتحويل البحيرة إلى
خزان أعطت إنطباعاً خاطئاً بإن تلك البحيرة ‘إصطناعية , ولكنها بحيرة تكونت
طبيعياً منذ فجر التاريخ .
الحياة البرية في بحيرة قارون

وعلى الرغم من زيادة ملوح مياهها ,
إلا انها تتمتع بنظام بيئي فريد , وتكيفت فيها أنواع الحياة البرية , وضمت
أعداد لا تحصى من الطيور , وخاصة في الخريف , بما في ذلك مستعمرة كبيرة من
طيور الفلامنجو ,البلشون الرمادي , طيور أبي ملعقة , والعديد من أنواع البط
.
كما أنها تعتبر ملاذا للراحة بالنسبة
لأسراب الطيور المهاجرة أثناء هجرة الشتاء إلى الجنوب , كما أنها مصدراً
لسمك البلطي الأخضر , والعديد من الأنواع السمكية الأخرى.
- كما تم العثور فيها على حفريات لثدييات من عصور ما قبل التاريخ مثل حيوان موريثيريوم Moeritherium ( في الصوره أعلاه )
![]() |
موريثيريوم Moeritherium |
- كما تم العثور فيها على حفريات لثدييات من عصور ما قبل التاريخ مثل حيوان موريثيريوم Moeritherium ( في الصوره أعلاه )
لماذا سُميت ببحيرة قارون - هل تُنسب لقارون من عصر موسى عليه السلام ؟
- جميعنا يعرف شخصية قارون
, ذلك الرجل الذي كان فاحش الثراء , والذي عاش في فترة حياة نبي الله موسى
( عليه السلام ) , قبل أنه إبن عمه , وقيل أنه كان يهتم بشؤون العبرانيين
لدى فرعون , وكان رجلاً مغرورا, متكبراً , كان يمتلك كنوزاً هائلة , يصعب
على الرجال الأشداء حمل مفاتيح خزائنها , ولكنه بغى على قومه بهذا الثراء ,
ولم يستمع لكلام العقلاء من قومه أو نصائح نبي الله موسى إليه , فعندما
ذكّروه بإن هذا المال هو من فضل الله عليه - رد عليهم قائلاً ( إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي )
-
وخرج يوماً أمام قومه بكامل زينته , حتى تمنى البعض أن يكونوا في مكانه
وينعموا بكل تلك الرفاهية والثراء , فما كان من الله إلا أن عاقب قارون
بخسفه هو وقصره وكنوزه الأرض .. ولم يعد له وجود لا هو ولا ماله .
وقد تم ذكر قصة قارون في عدة مواضع من القرآن الكريم .. وجاءت بالتفصيل في سورة القصص
" إنَّ
قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ
الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي
الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا
يُحِبُّ الْفَرِحِينَ , وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ
الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا
أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ
اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ , قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى
عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ
قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ
جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ , فَخَرَجَ عَلَى
قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا
يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
, وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ
لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ,
فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ
يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ "
ويعتقد الكثيرون أن بحيرة قارون وما حولها هي المنطقة التي إبتلعت قارون بكنوزه وقصره ولكن ( ليس هناك ما يؤكد أن هذه البحيرة سًميت نسبة إلى قارون )
- فبالقرب من البحيرة , هناك مبنى قديم
يُعتقد انه بقايا لقصر قارون الذي عاش فيه في زمن موسى عليه السلام , وقد
تم العثور على بعض الانفاق القديمة تحت هذ المبنى , والتي تؤدي إلى القرية
المجاورة , ويعتقد السكان أن هناك أنفاقاً أخر تصل إلى الإسكندرية , وربما
حتى ممفيس العاصمة القديمة لمصر ) .
![]() |
بقايا القصر الذي يُعتقد أنه لقارون |
- ولكن أشار العلماء إلى أن هذا المبنى هو معبد قديم لـ ديونيسيوس
- وهو إله الفرح والمتعة عند اليونان قديما - , وليس له علاقة بقارون
وقصره , كما انه ليس هناك ما يثبت أن بحيرة قارون الحالية كانت المكان الذي
عاش فيه قارون .
- وسميت البحيرة بعدة أسماء خلال تاريخ مصر , فقد كانت تسمى ببحيرة " موريس , " البحيرة النقية " , " بحيرة اوزوريس " , وخلال المملكة الوسطى كانت المنطقة بأكملها حول البحيرة يشار إليها بإسم " ميرو - وير "
وكما قال " أحمد عبد العال " مدير منطقة الفيوم الأثرية " : ( محافظة الفيوم ليست سوى بحيرة ) - حتى أن كلمة ( الفيوم ) مشتقة من الإسم المصري القديم لكلمة بحيرة وهو ( بيوم ) .
الأساطير حول بحيرة قارون
يعتقد الصيادون و السكان الذين يعيشون
بالقرب من البحيرة أن كنوز قارون الهائلة موجودة في مكان ما تحت سطح
البحيرة , ويعتقد البعض أن هناك حورية بحر تحرس تلك الكنوز !
وعلى مر العصور .. هناك بالفعل العديد
من السكان من إدعى رؤيته لحورية بحر في البحيرة الشهيرة وقد إفتتنوا
بجمالها وسحرها , وعلى الرغم من صعوبة تصديق هذا الأمر إلا أن العديد من
الناس غاصوا في أعماق البحيرة املاً في العثور على تلك الكنوز الغارقة ,
ولكن لم يعثر عليها أحد حتى الآن .
- حتى أنه في الثمانينات من القرن
العشرين , إجتاحت البلاد شائعات تفيد أن كنوز بحيرة قارون يمكن أن يتم
العثور عليها , إذا تم ذبح 200 طفل كأضحية ! - وتبع ذلك ذعر واسع النطاق في
محافظة الفيوم , وأبقى الناس أطفالهم في البيوت ومنعوهم من الذهاب إلى
المدارس خشية إختطافهم من قبل علماء الآثار أو صيادي الكنوز .
وقال عبد العال مدير المنطقة الأثرية في الفيوم ( في تلك الأيام , طلبت منا سلطات المحافظة أن نعرض على جميع القنوات الإعلامية المحلية تأكيد للسكان بإن كل هذه الشائعات غير صحيحة ) .
الأساطير المحيطة بالبحيرة عديدة , وحتى لو كانت وهمية , فهي تضيف بريقاً خاصاً للمنطقة , والسكان المحليون مهتمين بالحفاظ على تلك الأساطير كتراث ورثوه من أجدادهم وأخذوه على محمل الجد , وحتى لو إنتابهم بعض الشك في تلك الحكايات , إلا أنها أصبحت جزءاً كبيراً من نسيج مجتمعهم وسيظل كذلك .
إرسال تعليق