-->

هل يمكن أن يمتلك البشر قوى خارقة ؟


في السنوات الأخيرة , لاحظنا جميعاً هذا الفيضان الهائل من شخصيات الأبطال الخارقين , الذي غزوا كل مكان , التلفاز , السينما , المجلات المصورة , الروايات , الملابس .. وغيرها ..
أصبح هناك هوس جماعي بالقوى الخارقة في كل دول العالم , حتى وصل هذا الشغف إلى العلماء والباحثين الذين أرادوا تحويل تلك القصص المصورة إلى واقع ...

- في يونيو من عام 2016 , عرضت مجلة  Science , مشروعاً لمجموعة من العلماء يُسمى Genome Project-Write , هدفه الرئيسي هو بناء جين بشري صناعي بالكامل , وعلى الرغم من أن هذا المشروع قد يكون له آثار إيجابية في مجال تطوير الأدوية والعلاج الجيني , إلا أنه يمكن أن يكون لديه عواقب مجهولة التأثير إذا ما تم إنشاء جيل من البشر الإصطناعين الأكثر تقدماً من البشر الحاليين .
وتشير التوقعات الأولية للمشروع , إلى أن الأمر قد يتطلب 100 مليون دولار , و10 سنوات على الأقل للبدء في ذلك .
- لكن هل لدينا بالفعل الوسائل البيولوجية والتكنولوجية لصناعة أبطال بقوى خارقة ؟
ربما لا تصدق الجواب .. ولكن نعم - نحن نقترب بالفعل من عالم قد تحكمه القوى الخارقة !
بفضل مشروع الجينوم البشري الصناعي , قد يكون متاحاً لنا تحديد جميع الجينات الموجودة في الحمض النووي الخاص بنا, ثم إدخال التغيرات على الجينوم البشري , فإذا نجحنا بطريقة ما في تصنيع الجين إكس  "X-Gene" - وهو العامل المتحول في قصص مارفل Marvel Comics - فيمكننا صنع شخص بقوى خارقة .
لكن هل لدينا وسائل لإدراج هذا الجين المتحول إلى حمضنا النووي - نعم
هاك تقنية معروفة بإسم نظام CRISPR/Cas - وهي تقنية تُستخدم في تغيير الجينات بشكل فعال وعلى وجه التحديد داخل الكائنات الحية البدائية مثل البكتيريا , بمعنى آخر فإن تلك التقنية تعتمد على إستخدام آليات الدفاع عند البكتيريا حيث تحتوي تلك البكتيريا على تسلسل للحمض النووي يحوي مقتطفات من الـ DNA للفيروسات التي هاجمتها من قبل , ويتم قطع تلك التسلسلات للحمض النووي في أماكن معينة ثم إدخال جين جديد مثل جين X  - مثلاً كأن يكون جيناً يعمل على الشفاء السريع كما في وولفرين Wolverine او غير ذلك , كما يمكن إستخدام هذه الأداة لتعطيل أو تدمير تلك الجينات التي قد تؤدي إلى أمراض مستقبلية مثلا ً .
- يمكن القول أن تلك التقية السابقة , تُستخدم حالياً في تعديل الجينوم الوراثي الخاص بالمحاصيل وأسماك الدانيو zebrafish , ولكن سيكون هناك بعض الوقت قبل أن يتم إستخدام تلك الطريقة لتعديل الجينوم البشري وراثياً , وذلك لإعتبارات أخلاقية ومالية وعلمية ودينية وإجتماعية كثيرة , ولكن إذا تقبل العالم العملية كطريقة آمنة وموثوقة , فقد يكون العلماء قادرين وقتها على تزويد البشر بقوى خارقة كما X-Men
- وعلى الرغم أن التعديل الوراثي للجينوم البشري يوفر مساراً نحو تصنيع قوى خارقة بيولوجياً , إلا أن ذلك الأمر سيستغرق سنوات , في حين أن هناك مشاريع عديدة تقودها الأبحاث التكنولوجية الحديثة التي ستنتج أدوات شبيه بالقوى الخارقة عاجلاً وليس آجلاً ...

العباءة الغير مرئية 


كانت قوة الإختفاء , موضوعاً لعدد من روايات الخيال العلمي منذ ظهور كتابThe  Invisible Man او الرجل الخفي لـ H.G. Wells عام 1897   , مروراً بالفنتازيا كما في روايات هاري بوتر حيث إستخدم هاري عباءة الإختفاء , كما ظهرت تلك القوة في روايات وأفلام أخرى مثل The Incredibles وفيلم الخيال العلمي Hollow Man , ولكن قبل ذلك , كان ستان لي وجاك كيربي في مارفل قد وهبوا إحدى شخصياتهم قوة الخفاء وهي  سو ستورم Sue Storm , وعرفت أيضاً بإسم المرأة الغير مرئية .
حيث كات سو Sue جزءاً من فريق Fantastic Four , تقاتل الأشرار مثل دكتور دووم وأو جالاكتوس , وقد إكتسبت سو ستورم قوتها الخارقة بفضل التغير الوراثى  لحمضها النووي الذي نتج عن تعرضها لأشعة كونية أو السفر بين الأبعاد .
 ملاحظة : يجب تجنب الأشعة الكونية لإن هذه الجسيمات عالية الطاقة , ومن المرجح أنها قد تقتلك بدلاً من أن تعطيك قوى خارقة  .
كيف يكون الجسم غير مرئي؟
المفتاح لجعل أي شيء غير مرئي , هو منع الضوء المنعكس من هذا الجسم من المرور إلى داخل أعيننا , فإذا لم يصل ضوء إلى أعيننا , فلن تتمكن الخلايا المستقبلة للضوء  , من إنتاج نبضات كهربائية وكيميائية لتشكيل صورة معينة للجسم .
وجدير بالذكر أن تلك الخلايا المستقبلة للضوء هي خلايا مخروطية وعصوية  تقع في الشبكية في الجزء الخلفي من العين.
وفي ذلك المجال ظهر علم جديد يسمى ( علم البصريات التحويلي ) يبحث في مجال تطوير تقنيات الخفاء , ويقوم الباحثون بتجربة العديد من المواد التي يمكن إستخدامها لإنشاء عباءة غير مرئية .
فعلى سبيل المثال يقوم بعض الباحثون بتصنيع مواد اصطناعية تُعرف بإسم ( metamaterials ) , والتي يمكن إستخدامها لثني الضوء حول الأشياء بدلاً من عكسه , فتلك المواد تمتلك مؤشر إنكسار سلبي , مما يجعل الضوء ينحني في الإتجاه المعاكس , ولكن هذه المواد تعمل بشكل جيد بالنسبة لمصادر الضوء ذات الطول الموجي الطويل فقط حتى الآن .
ومع ذلك فإن بسبب قصر الطول الموجي للطيف المرئي , فإنه يصبح من الصعب أكثر تصنيع هياكل مادية لها القدرة على ثني الضوء في الإتجاه المعاكس .
وعلى الجانب الآخر, لجأ بعض الباحثين إلى إستخدام بللورات الكالسيت لإنتاج تقنيات خفية , بينما إتخذ باحثان في جامعة روشستر مساراً أبسط , فقد إختار جوزيف تشوي , وجون هاول بناء عباءة غير مرئية بإستخدام عدسات يمكن شراؤها بأقل من 100 جنيهاً إسترلينياً !

خيوط الرجل العنكبوت 


الرجل العنكبوت Spider Man , وهو إحدى شخصيات مارفل المشهورة , قد إكتسب قوته الخارقة من خلال التغيرات الجينية التي حدثت لحمضه النووي بعد تعرضه للدغة من عنكبوت مشع , وبعد ذلك قام بيتر باكر بإكتشاف العديد من القدرات العنكبوتية الأخرى مثل القدرة على تسلق الجدار , وإتقان إنتاج حرير العنكبوت .
- مثل الكولاجين في جسم الإنسان , فإن حرير العنكبوت أيضاً هو بروتين  وواحداً من أقوى المواد الطبيعية على كوكب الأرض , وبالنظر إلى هذه الخصائص , فقد تصُور الكثيرون أنه يمكن إستخدام حرير العنكبوت كبديل للتكنولوجيا القائمة على صنع مواد مضادة للرصاص , كما يُعتبر حرير العنكبوت مادة بديلة للمظلات , وخيوط الصيد , وحتى الأربطة البديلة ( الأنسجة الضامة )  في جسم الإنسان .
- ولكن كيف يمكنا الوصول إلى كميات كبيرة من حرير العناكب ؟
 إستخلاص الحرير من ملايين العناكب الصغيرة لهو أمر شاق بالفعل , لذا رأى بعض الباحثون , أن ما حدث مع بيتر باركر يمكن تكراره في الواقع !
فقام الباحثون من جامعة وايومنغ في عام 2010 بدمج الـ DNA  للعنكبوت مع الحمض النووي لماعز , فكانت النتيجة هي إنتاج حليب ماعز يتخلله حرير العنكبوت , على الرغم من غرابة التجربة , إلا أنها قد تكون بداية لإيجاد طرق أسهل للحصول على حرير العناكب بكميات كبيرة , ويمكن بالطبع تطبيق ذلك على البشر , على الرغم من أن الأمر غير مريح إطلاقا :)
إقرأ أيضاً : أغرب 10 تجارب علمية .. والأكثر رعباً وجنوناً 

درع الرجل الحديدي 


- يقتنع الكثيرون بإن الرجل الحديدي Iron Man ليس بطلاً حقيقياً , لإنه إخترع درعاً يمنحه قوى خارقة , من الصعب بالطبع الإختلاف على وجهة النظر تلك , ولكن الإختراعات العلمية والهندسية التي قام بها توني ستارك لا تختلف عن جهود هؤلاء الباحثين الذين يحاولون تطوير عباءات غير مرئية أو إختراع جلد مضاد للرصاص من حرير العناكب .
إبتكر ستارك العديد من الأجهزة الرائعة على مر السنين , ولكن ربما كان أعظم إختراع له هو درع الرجل الحديدي المصنوع من سبائك التيتانيوم المخلوط بالذهب , والذي يمكنه الطيران مثل المركبات الطائرة , وكذلك إطلاق أسلحة متعددة من مواقع مختلفة , كما أنه مرتبط بكمبيوتر متطور يوفر لستارك حماية معززة لجسمه , وبدون كل ذلك لن يكون " توني ستارك " قادراً على الصمود في وجه أياً من أعدائه أو حتى أصدقاءه في فريق The Avengers .
إقرأ أيضاً : علوم الأبطال الخارقين ( الرجل الحديدي ) 
- التطبيق الوحيد لهذا النوع من السبائك في العالم الحقيقي , يستخدم في حشوات الأسنان وصناعة لمجوهرات , ومع ذلك فقد قامت مجموعة من العلماء في جامعة رايس في تكساس بتطوير سبيكة جديدة من التيتانيوم والتي سُميت بـ تيتانيوم 3 , وهي عبارة عن خلط 3 أجزاء من التيتانيوم مع جزء واحد من الذهب عند درجات حرارة عالية جداً .
سبيكة التيتانيوم الناتجة كانت أكثر صلابة من معظم سبائك الصلب بمعدل من 3 إلى 4 أضعاف , ويفكر العلماء بإمكانية دمج تلك السبائك مع هياكل خارجية صلبة كدرع الرجل الحديدي , وهذا ما بدأت الشركة اليابانية Cyberdyne في تطويره .

من  سيحكم القوى الخارقة ؟

في المعركة الشهيرة بين باتمان Batman وسوبرمان Superman , كانت الفكرة المسيطرة على فارس الظلام بروس واين , هي " من سيقوم بإدارة القوى العظمى " , والتي كانت بمعنى أصح , رغبته في التحكم في قوة سوبرمان .
ومن ناحية أخرى , نجد أن الأمر مشابهة , في عالم مارفل , عندما دخل كابتن أمريكا Captain America في إتفاقية سوكوفيا بقيادة الأمم المتحدة والتي تهدف إلى مراقبة الأبطال الخارقين في العالم والتحكم بهم , وعلى الرغم من أن تلك الإتفاقيات كانت تبدو منطقية , إلا أنها خلقت مناخاً متوتراً بين الأصدقاء والحلفاء .
وربما هذا هو ما سنواجهه في المستقبل إذا ما تمكن العلماء من نشر تقنيات القوى العظمى على نطاق واسع .
فقبل أن نوفر القوى العظمى للجماهير , نحتاج إلى تحليل المجتمع بعناية , ثم نقرر كيف ومتى يجب إدخال هذه القوى , فقد نكون على بعد سنوات من عالم ذو قوى خارقة بالنظر إلى أولئك الباحثين الذين يعملون بالفعل على البدلات الخفية , والتكنولوجيا المضادة للرصاص والهياكل الخارجية الشبيهة بالرجل الحديدى , ومن المرجح بالطبع أن تكون الجيوش هي أول من يستفيد من تلك التقنيات .
وحتى ذلك الحين .. سيكون لنا أن نتابع ما أنتجته السينما في مجال القوى الخارقة , ولكن إذا نجحت في الحصول على قوى خارقة في المستقبل , فمن الضروري أن تختار إسماً جذاباً وزياً رائعاً أيضاً .. فيجب أن تستعد لهذا , لإن العلماء .. وبخطوات سريعة .. يكشفون أسرار عالم الأبطال الخارقين .