في الاجزاء السابقة عرضنا أصل أسطورة مصاصي الدماء,وكذلك بعض القصص المشهورة في أوروبا ..والتي يصدق كثير من الناس أن أصحابها كانوا مصاصي دماء حقا..!
سنربط الآن الاسطورة ببعض العلم ..ربما نصل إلى جزء من الحقيقة..
الأمراض..وظاهرة مصاصي الدماء
فكما اخبرتكم في الجزء السابق أن الحالات التي تكلمنا عنها مثل حالة (mercy brown) كانت في زمن انتشر به وباء السل
الذي قضى على أعداد كبيرة من سكان اوروبا والولايات المتحدة في القرن التاسع عشر ..وكان الناس يؤمنون أن الذين يموتون بمرض السل يتحولون إلى مصاصي دماء , ولهذا فكانوا يستخرجون الجثث ويفصلوا الرأس عن الجسد أحيانا ويستخرجوا القلب ويحرقوه !
ولكن قبل ذلك تعالوا نتعرف على أعراض مرض السل ..
أعراض مرض السل:
تضاءل وتورم العينين,الهزال البدني,السعال,انخفاض درجة الحرارة,شحوب الوجه,الحساسية من ضوء الشمس,أرق بالليل,تدفق الدم من الفم
ولهذا فليس من الغريب ابدا أن يشتبه الناس في مصابي مرض السل على أنهم مصاصي دماء
فتلك الاعراض تنطبق على مواصفات مصاصي الدماء!
هناك ايضاً مرض آخر تتشابه أعراضه كثيرا مع الصفات التي تظهر على مصاص الدماء ..
مرض البورفيريا
مرض البورفيريا وهذا المرض هو مرض وراثي ولكنه نادر جدا وهو ببساطة ينتج عن خلل في عمل الانزيمات الخاصة بتحويل مادة البورفيرين إلى مادة الهيموجلوبين في الدم المسئولة عن نقل الأكسجين إلى مختلف أعضاء الجسم
وينتج عن ذلك الخلل في الانزيمات نقص مادة الهيموجلوبين وتراكم ماده البورفيرين التي تؤدى إلى تقرحات وتاكل في الجلد إذا تعرض الإنسان إلى ضوء الشمس
وأيضا تقلص في عضلات الفم والشفاه مما يؤدي إلى ظهور الانياب بشكل أكبر من الطبيعي. ومن الاعراض أيضا الحساسية من الثوم لان الثوم يحفز إنتاج مادة الهيموجلوبين ولذلك فان الثوم يزيد من حدة أعراض المرض.
و لذلك نرى أن مريض البورفيريا يحتاج إلى مادة الهيموجلوبين التي يستطيع أن يحصل عليها من مص أو شرب الدماء الطازجة لتعويض هذا النقص في مادة الهيموجلوبين. ولكن في النهاية أحب أن أقول الحمد لله أن هذا المرض وراثي ونادر جدا
ولكن مع ذلك ..تبقى بعض التساؤلات..
فكل ما سبق لا يفسر ابداً ..وجود دماء طازجة على شفاة الميت..وكذلك وجود دم كثير يسري في جسد وأعضاء الميت بعد دفنه بفترة..
وهذا أيضا لا يفسره ابداً وجود الجثة في حالة جيدة جداً بعد دفنها بعدة أيام..وكذلك نمو الشعر والأظافر..!ولا المشاهدات الكثيرة لإناس
ماتوا وعادوا ليلا يتجولون في القرى ويطرقون أبواب المنازل!
نعود مرة اخرى إلى عالم مصاصي الدماء
بالطبع مع انتشار هذه الظاهرة في كثير من البلاد في تلك الفترة , كان لابد من الحاجة إلى صياد وقاتل لتلك الكائنات
فانتشرت أيضا بين الناس حكايات "صياد مصاصي الدماء"
صياد مصاصي الدماء "vampire hunter"
صيادي مصاصي الدماء يتواجدون في الخيال الشعبي والثقافة الشعبية عند كثير من البلدان .ولكنها كانت مهنة معترف بها في الزمن القديم وخصوصا في صربيا واليونان وبلغاريا ورومانيا
يظهر صياد مصاصي الدماء غالباً على انه البطل الغامض الساعي للثأر من مصاصي الدماء ,متطرف وغريب الاطوار,منتقم ,وحيد,وأحيانا يعمل من أجل الربح, وقد يكون ورث عمل صيد مصاصي الدماء من الأسرة .
وصائد مصاصي الدماء فضلا عن كونه على دراية بطبيعة مصاصي الدماء ,فغالبا ما يكونوا ايضا مسلحين بمزيج من الأسلحة .التي يتم تصميمها للتغلب على نقاط ضعف مصاصي الدماء .
تشمل هذه الاسلحة ..الاسلحة النارية ,الطلقات الفضية,الرموز الدينية المناسبة,الخشب,النار,المياة المقدسة.
اغلب صيادي مصاصي الدماء يعملون بمفردهم وبشكل سري.
والمثال الأكثر شهرة على نطاق واسع هو "إبراهام فان هيلسنغ"من قصة دراكولا المشهورة .
وهناك شخصيات اخرى حديثة ظهرت في الروايات مثل "بافي" قاتلة مصاصي الدماء ..
مصاص الدماء في الأدب والسينما..
ربما مصاص الدماء هو من أكثر الشخصيات التي أصبحت حقيقية من خلال الأدب ..ولم تبقى في ذهن القاريء أو المشاهد كأي شخصية عادية في كتاب ,بل اصبحت شخصية حقيقية متاكد الكثيرون من وجودها..
واستغل مخرجي السينما والتليفزيون هذا الأمر لينسجوا شبكة كبيرة من الأفلام والمسلسلات التي ترجمت روايات عدة عن مصاصي الدماء.
فسنجد بالطبع أفلام كثيرة خاصة بالكونت المشهور الغامض"دراكولا" لعل من أشهرها ..
فيلم "Dracula 1992" وايضا بعنوان"الحب لا يموت" عن رواية الكاتب "برام ستوكر"
الفيلم يبدأ برجوع للزمن لفترة الحروب العثمانية مع أوروبا وكيف أن فلاد الولاشى (جارى أولدمان ) هو الوحيد الذى استطاع أن يصد الزحف العثمانى على بلاده.
ولكن يرجع الأمير فلاد ليجد ان زوجته إليزابيثا (وينونا رايدر) قد انتحرت حزناً عليه من جراء اشاعة عن موته وبالتالى لا تقبل الكنيسة الصلاة عليها ليخرج منه فى لحظة غضبه كلمات لتغضب الاله ويوهب روحه للشيطان مما يجعله يعيش باقى عمره غير ميت وليس بحى يتغذى على امتصاص وشرب دماء الكائنات الأخرى ويصبح دراكولا وهو اسم مرادف فى اللغة الرومانية للشيطانى .
ويسير الزمن بنا لمئات السنوات حتى نصل للقرن التاسع عشر وفى رحلة لسمسار العقارات جوناثان هاركر (كيانو ريفز) من إنجلترا إلى ترانسفانيا من أجل الإتفاق على بيع مقاطعة فى إنجلترا للكونت دراكولا .
إلى هنا يسير الفيلم بنمط القصة الأصلية له ونمط الأبطال الذين لا يعرفون ما هم مقدمون عليه...
ولكن سيتغير رأيك إطلاقا عندما ترى شخصية الكونت دراكولا فلا تعرف ما هو هل هو إنسان أم وحش أم مسخ ما هو بالتحديد؟؟؟مجرد رؤياه ستبعث فى عروقك الرهبة مع قليل من الخوف والحيرة ربما لأنك رأيت فيه شيئا مختلفاً عما رأتيه من أفلام دراكولا من قبل .
ليجد جوناثان هاركر نفسه محبوساً فى قصر دراكولا بصبحة عرائس دراكولا الشيطانيات من أجل عدم قدرته على الهرب و من اجل أن يسافر دراكولا إلى إنجلترا ليقابل خطيبة جوناثان هاركر مينا (وينونا رايدر ) التى هى نفسها جبيبه السابقة إليزابيثا ولكن فى عصر أخر (مبدأ تناسخ الأرواح ).
فى نفس الوقت تحدث أمور غريبة لصديقة مينا لوسى التى يحدث لها أحداث غريبة مما يؤدى بخطيبها للإستعانة بالدكتور فان هيلسينج (أنتونى هوبكنز ) من أجل كشف الغموض .
رواية "Interview with the Vampire"
في رواية الكاتبة "آن رايس" "مقابلة مع مصاص دماء"
القصة عن صحفي يدعي دانييل مالوي يجري لقاء صحافيا مع لويس (براد بيت)يدعي أنه كان مصاص دماء ويحكي قصص عن ماضيه.
لكن نجد ان شخصية مصاص الدماء قد اختلفت عن النط الذي تعودنا عليه في بعض الاعمال الادبية الحديثة
فنجد مثلا في
سلسلة twilight للكاتبة "ستيفاني ماير"
تغيرت شخصية مصاصي الدماء التي عهدناها في السنوات الماضية من افلام دراكولا
فظهرت في هذه السلسلة صفات لمصاصي الدماء مثل الوسامة,والطيبة,عدم الرضى عن كونهم مصاصي دماء,عدم تناول دماء البشر أبداً,فنجدهم يعبشون على دماء الحيوانات البرية كالاسود والدببة,وكذلك أجسادهم لا تحترق تحت أشعة الشمس ولكنها تتلالأ في شكل جميل , لا ينامون أبدا ,وليس لديهم بالطبع توابيت,ولا عباءات سوداء,لا يموتون بالوتد الخشبي ولا بالمياه المقدسه,ولا يخافون من الصليب !
وظهر في هذة الرواية ايضا الطابع الرومانسي ,فرأينا مصاص الدماء في دور العاشق المتيم بمحبوبته البشرية!
رواية "the vampire diares"
تتشابه كثيراً رواية"يوميات مصاص الدماء"من حيث صفات مصاصي الدماء فيها بشخصيات سلسلة"تويلايت" فنجد الأبطال يتميزون بالوسامة,الإنسانية والطيبة,الرومانسية,بعضهم لا يشرب دماء البشر,لا يموتون في ضوء الشمس باستخدام بعض التعويذات الخاصة كالخواتم السحرية..!
ولكن لماذا يقبل الشباب والمراهقين على روايات وافلام مصاصي الدماء ..؟
ربما لعدة أسباب منها..
1- جاذبية مصاصي الدماء.
2- لديهم قدرات فوق بشرية وخارقة مثل القدرة على الطيران والزحف حتى خلال المساحات الضيقة.
3- يمكنهم إستخدام السيطرة على العقل والتخاطر مع البشر للحصول على ما يريدون.
4- أنهم مصدر إلهام للخوف والعبث معهم نتائجه وخيمة.
5- يمكنهم إستخدام قوتهم للتغلب على الكائنات المفترسة الاخرى وكذلك بعض المخلوقات المشابهة لهم مثل المستذئبين
6- مصاصي الدماء بدأوا في تكوين علاقات طيبة مع البشر ,فقد تغيرت مؤخراً نظرة الكثيرين عن مصاصي الدماء التي كانت في الماضي.
وأخيرا..
على الرغم من كل هذا ..مازال رمزاً للرعب والخوف والغموض..
مازال مصاص الدماء شخصية فريدة من نوعها ..لها عالمها الخاص..
فإحذر ..من الذين يطرقون باب منزلك ليلا..فإن كان هو..فلا تدعوه إلى الدخول
فبالطبع لا تريد ..أن يكون أحدهم من المدعوين على قائمة عشاءك أبداً..!
إرسال تعليق