ينعم الأرنب بموقع ممتاز
في ثقافة الأطفال: حكايات ورسما وتشكيلا من البلاستيك، وموعظة الأرنب السريع الذي
تكاسل في سباق الجري - أو صعود التل - بينه وبين السلحفاة البطيئة، مما أدى إلى
فوز هذه السلحفاة، حكاية معروفة، وقد استقرت من عصور في قلب الحكايات المدرسية، في
العالم كله، وهو ما أدى إلى عدد معقول من الأرانب القصصية التي تحتك بالثعالب
والثعابين والسباع والحمير، حكايات جحا - الشهيرة - تخلو تماما من الأرانب، مع أن
ثمة أرانب تقافزت في حكايات كليلة ودمنة، وألف ليلة وليلة، وكان من المفروض على
(جحا) - بصفته الأحدث - أن يتأثر بهما ويستعير بعض أرانب حكاياتهما.
ومثل القوارض: تلد
الأرنبة أربع مرات في العام، ويتهم العالم الثالث - الثالث رمزا حيث لا يوجد عالم
ثان - بأنه عالم الأرانب بسبب التوالد المفرط، والأصح أنه عالم فيران لانخفاض نسبة
الفائدة في الموا ليد. وتتعدد أنواع الأرانب المنتشرة في العالم كله: أرانب
المستنقعات والأرانب قطنية الذيل في السهول الأمريكية، وأرنب أنجورا الذي يربى
لإنتاج الشعر ( الوبر) المستعمل في صناعة المنسوجات الثمينة - في أوربا وأمريكا،
أرنب بوسكات (يصل وزنه إلى خمسة كيلو جرامات) ذو العيون القرنية ولونه الأبيض
الصافي، ويربى لإنتاج الفراء واللحم، وله مزارع شهيرة في جميع أنحاء العالم، وهناك
أيضا الأرنب البري ومنه أنواع في الصحارى العربية، ويعيش في مصرعلى حافة التقاء
الصحراء بوادي النيل، أما في الصحراوات المصرية فهناك الأرنب الجبلي - كثير
الإنتاج ومتوسط حجمه كيلو جرامان، كما أن أنواعا أخرى محسنة أنتجتها معامل ومزارع
كليات الزراعة في مصر أشهرها (أرنب جيزة أبيض) لونه أبيض وعيونه قرنفلية، وتصل
أوزا نه إلى أربعة كيلوجرامات. ويشارك الأرنب الغزال في طيب مذاق اللحم، وفي
السرعة، كما أن مشهد الأرنب المستغرق في تحسس الأعشاب مع إحساسه بالأمان، يشد عين
الرائي، غير أن العادة القادمة إلينا من الأسلاف جعلت من الأرنب هدفا لسهام
الصيادين ومخالب الصقور، كذلك فلا تزال بقايا طبقة النبلاء في أوربا يطاردون
الأرانب البرية بكلاب الصيد، وهي المتعة الباقية بعد أن تلاشت أنواع من الحيوانات
كانت مفضلة لديهم عن الأرانب. وهو ما جعل الأرانب - أيضا - موضع اهتمام المعالجين
لأمراض البشر - الهواة بالذات، إذ إن لحم الأرنب الممروق في العنبر والقرنفل يساعد
في تطهير الجوف من الحمى، وقلي لحم الأرنب مع مجروش الكسبرة والزعفران - والقرنفل
أيضا - يسلم الشخص القلق المسهد لنوم طيب، وفي عرف هواة العلاج الشعبي أيضا: أن
إدمان أكل لحم الأرانب يقطع البواسير ويحول بين البرد واصابة البدن، ووبر الأرانب
(يحبس الدم أينما كان) - أي يمنع النزيف، كما أن شفة الأرنب العليا (تذكر أنها مشقوقة)
تصلح علاجا لما يصيب مثلها شفة الإنسان إذا ما ظل يلوكها فترة، ومعالجة رأس الأرنب
بدهن الدب (!!!) يصلح شأن الثعلبة - أي تساقط شعر الرأس، فإذا أضيف إليه العسل كان
ناجعا في معالجة الاستسقاء، وأنفحة الأرنب (المقصود بها جزء من المعدة به أنزيمات
مؤثرة في الهضم) يضاف إليها الخل لتعالج الصرع، كما تعالج انحباس اللبن في ثدي
الأم، وكذلك السموم، وفساد المعدة، أما مرارة الأرنب - إذا خلطت بدم الأرنب مع
قليل من الزيت - فإنها تجلو آثار الإمساك وتصلح من أمر الغازات وتريح الأمعاء،
وتتسبب في نزول الحصى وتسقط الأجنة وتساعد على الحمل في العاقر وتفتح انغلاق
الأذنين، وتعيد ما ذهب من شم، وأصارحكم بأن ما ورد عن الأرنب كثير في كتب
الأقدمين، حتى أني تصورت إمكان قيام كلية للطب تختص بالمعالجات التي يقدمها
الأرنب- بجميع تفاصيله الداخلية والخارجية- للأمراض، في تذكرة داود أربعة وثمانون
مرضا فقط.