رسالة مجهولة لنزار قباني
في رسالة كتبها الشاعر الكبير نزار قباني إلى الشاعر العراقي الكبير كريم العراقي بتاريخ الاول من أكتوبر 1996، جاء فيها:
كريم أيها الشاعر الجميل
حين وصلتني رائعتك "موال الغربة" دخلت المطبخ، وصنعت شايا" أبو الهيل"،
وجلست مع استكانة الشاي، وأمامي بلقيس، وشعرها الطويل الذي كان يغطي المآذن
والقباب وأشجار النخل في حي السفينة بالاعظمية ثم بحثت عن "سمك مسقوف" لدى
البقالين الإنجليز، ولكنهم قالوا إنهم لا يعرفونه، رغم انهم استعمروا
العراق عشرات السنين، ثم ركضت وراء أيامي في نادي العلوية، وفي نادي
المنصور، والجسر المعلق، "جسر الحديد الذي انقطع من دوس رجلًّيه"، ومقامات
النجف، وعبق البهارات في الشورجة، والقصب في الأهوار، وربيع الموصل، وأسد
بابل، ورائحة الجبن الاوشاري في أربيل
هذه ليست قصيدتك يا كريم، إنها قصيدتنا جميعا، نحن المنفيين في فضاء
العالم، وليس معنا سوى حقيبة مصنوعة بالياسمين الدمشقي، والرازقي العراقي،
وصورنا "التي كانت تتوسط البيت"، ونسخ قديمة من "طفولة النهد"، و"الرسم
بالكلمات"، و"قالت لي السمراء"، ونسخة من قصيدتي"إفادة في محكمة الشعر"،
التي ألقيتها في بغداد عام 1969.
مرحبا يا عراق جئت أغنيك
وبعض من الغناء بكاء
أكل الحب من حشاشة قلبي
والبقايا تقاسمتها النساء
فجراح الحسين بعض جراحي
وبصدري من الاسى كربلاء.
وحين سيغني حبيبنا كاظم الساهر "وجعي يمتد كسرب حمام من بغداد إلى الصين"،
يكون قد أكمل سيمفونية الحزن وأعطانا مفاتيح بيوتنا التي ضاعت منا منذ سقوط
غرناطة
ابق مزروعا يا كريم على شفتي كاظم الساهر، واكتب لنا دائما أحاسيسنا، واحلامنا بأسلوبك الطفولي الجميل.
والله يرعاك ويحفظك
نزار قباني
الرسالة ضمنها كريم العراقي كتابه الأغاني وحكاياتها والذي صدر عام 2003، عن دار مصر المحروسة.
