درة- صراع حبيبة "بلا دليل" الذي جسدته ببراعة.. التطور الذي أدخلها قلوب المشاهدين





جرى العادة أنني في بعض الأعمال أكتب عن الانطباع الأول وفي مسلسل بلا دليل قد كتبت عن انطباعي الأول عن دور درة أو حبيبة في العمل، وقد كنت أعرف أن هناك تحولا كبيرًا سيضرب بالشخصية وسيعصف بالمشاهدين الذين تعلقوا بتلك الفتاة الحسناء التي توحي نظراتها بالطمأنينة.


الشخصية وبعد انكشاف الأحداث وظهورها كقاتلة حاولت الانتقام ممن قتلوا زوجها، وظهور هذا الكم الغير مفهوم من الرغبة في الانتقام والذي يظهر أن هناك جوانب أخرى ستظهر في الشخصية وربما متعلقة بصحتها النفسية.


عدة مشاهد توقفت عندها واعتبرتها من الأفضل في العمل، وواحد منهم هو أثناء أعادتها للجريمة، الشرود الذي يظهر في أعين الشخصية، وحالة عدم الإدراك التي تعيشها فهي في اللا مكان واللا زمان، بجانب امتلأ وجهها بالدموع والغضب، والكراهية ممن أخذوا والد ابنتها.


مئات المرات سمعنا عن أمهات استطعن أن يفعلوا أمور خارقة للطبيعة للحفاظ على أبنائهم، وبل وإن كنت ممن يتابعون بعض الأفلام الوثائقية سترى كم كبير من الأفلام تحدث عن الغريزة الأعظم على وجه الأرض وهي غريزة الأمومة، وهذا كان الدافع الأول الذي جعل منها قاتلة فهي لا تنتقم لذاتها، وليست قاتلة متسلسلة، بل أشفقت على الليالي التي تنام فيها ابنتها وهي تبكي وتنهض مفزوعة متذكرة والدها، غريزتها حدثتها عن الانتقام، لأجل ابنتها، وهذا يوضح الهدوء والشرود، درة وصلت لحالة ما يتقبله قلبها ويرفضه عقلها، هذه هي الحالة التي استطاعت أن ترسمها على وجه الشخصية، القلب وافق على القتل لأجل ابنتها، والعقل يرفض هذا الفعل، والصعوبة في هذه المشاهد هي قدرتها على أن تبين هذا الصراع الداخلي للمشاهد، أن تجعله يمسه لدرجة أن يدور هذا الصراع بداخل المشاهد ما بين الشفقة ورفض ما فعلته حبيبة، وهنا واحد من أهم مكامن قوة أدائها.


قد تكون سمعت عن اللاعبين الذين يتطور أدائهم داخل المباراة، والفنان الذي تتصاعد حدة دوره مع تطور الأحداث، ولكن درة لست هذا ولا ذاك، هي تذهب لمناطق مختلقة من الأفعال مع مرور الحلقات، ليس التطور بحد ذاته وإنما تغير في انفعال الشخصية، والتغير في نبرتها، ونظرتها، وملامحها، بالفعل، ربما قد تكون مدرك لهذا أو لا، فلتعد بالحلقات من جديد، فمنذ البداية حتى الحلقة 12 سترى الشخصية بشكل، ومن الحلقة الـ13 حتى 25 بشكل أخر، وبعدها بتطور مختلف، فمع تطور الأحداث استطاعت أن تطور وتطوع انفعالاتها ونظراتها ونبراتها حسب ما ستظهره الشخصية، وكلها أدوات الفنان التي أما أن يستخدمها فيكون مختلف، أو يتجاهلها فيكون تقليدي.


الحقيقة أنني سعيد بهذا التمكن والتقمص، والقدرة على تعامل درة بهذا الشكل مع الشخصية، واللمحات والسمات التي نراها كلما تطورت الأحداث، لا يمكن أن أقول إنه تطور مفاجئ في أداء درة، فهي كانت تتعامل مع كل دور كما يجب، فلو قدمت هذا الأداء في شخصية أخرى ستكون غير مقنعة، ولكن المختلف هو أن الشخصية أبعادها وتركيبتها ليست سوية، لذلك استلزمت أداء مختلف بهذا الشكل، ولكن الذي يستحق الثناء أن كل خطوة من خطوات درة لأعلى.


في النهاية مازلت متأكد أن الشخصية بها جوانب نفسية أخرى ستظهر، ولكن التحولات المذهلة في الأداء التي أظهرتها درة حتى الآن تجعلني أثق أن القادم من حلقات سيكون أكثر جذبًا واختلافا، ويجعلني أؤكد أننا اكتسبنا نجمة للأدوار المركبة ستعزف نوتة فنية مختلفة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال