قد
لا تتطابق آراء المراهق عن نفسه مع آراء اللآخرين له. ففي بعض الأحيان يعتقد الآخرون
أن المراهق جذاب المظهر في حين أنه يعتبر نفسه قصيراً مثلاً، سميناً أو غير جذاب، ولا
شك أن آراء المراهق ووجهة نظره عن ذاته قد تكون واقعية ومتوافقة إلى حد كبير مع
المعايير السائدة إلا أن كثرة الاهتمام الذاتي بنفسه ورغبته في أن يكون إنساناً
مثالياً في مظهره قد تجعل هذه الآراء بعيدة عن الآراء المعتادة والانطباعات التي
قد يكونها الآخرون عنه.
وهذا
الأمر ينطبق على مشاعر المراهق واتجاهاته وآرائه ومعتقداته.
ويمكن للاتجاهات الذاتية التي تكونت في الطفولة وامتدت إلى
المراهقة أن تكون إما سوية أو شاذة.
ويتمثل
الاستواء في إحساس المراهق بأنه حر في أن يكون ذاته ويستخدم كل مقدراته فيما يحب
وأن يتعلم وينمو ويستفيد من كل تجربة يمر بها.
أما
شذوذ هذه الاتجاهات الذاتية فيتمثل في نقص الحرية المذكورة وفي رفض المراهق لكل
عمل يقوم به وإحساسه بالندم على كل ما يفعل.
واستواء اتجاهات المراهق وشذوذها يعود إلى:
· وعي المراهق لذاته.
· درجة تقبل التغير ومقاومته.
والمراهقون
يختلفون في درجة وعي ذواتهم وما يملكون من قدرات. فبعضهم مثلاً يعرف مقدرته
العقلية ويعرف ماذا يريد أن يفعل في حياته أما البعض الآخر فقد يجهل رغباته وما
يريد وما لا يريد. ويظهر أثر معرفة المراهق لذاته أو عدم معرفتها واضحاً في
النواحي (الانفعالية).
ولابد
من الإشارة أيضاً أن مقاومة التغير هي صفة ملازمة لشذوذ اتجاهات المراهق، كما أن
تقبل أي تغير في حياة المراهق والتكيف مع كل الأوضاع الجديدة هي صفة ملازمة
للاستواء.
إن
إدراكات الآخرين للمراهق وتقييمهم له ونقد سلوكه ليست دائماً ترضي المراهق.
ولا
شك أن عدم التنافر بين صورة المراهق في نظر الآخرين وصورته لنفسه إضافة إلى ميله
إلى التغير والتأقلم مع كل جديد يطرأ على حياته هما عاملان مهمان في إحداث التغير
السوي وتكوين الانطباعات الإيجابية للمراهق عن ذاته.
كيف يحقق المراهق ذاته:
البحث عن معنى الأشياء:
يحاول
الطفل منذ أن يرى ويلمس ويسمع أن يتعرف على الأشياء من حوله ونلاحظ سؤاله عن كل
شيء يراه بكثرة. لكن يختلف سؤال وموقف الراشدين عن أسئلة الصغار الأمر الذي يسوق
بعضهم إلى المراهقة وهو يخاف ويتردد من السؤال عن معاني الأشياء.
وخوف
بعض الراشدين من السؤال عن معاني الأشياء سبب في نجاح المراهقين في دراسة المواد
التعليمية دون أن يغوصوا في دلالاتها ومعانيها وهذا ما يفقر عملية التعليم عندهم
ويجعلها محدودة وسطحية.
الاختيار:
إن
لحرية المراهق في الاختيار دور كبير لتوجيهه من أجل فعل الصواب والابتعاد عن الخطأ
أو ما يعتقد أنه كذلك. والمراهق يؤمن بحرية الاختيار وبإمكانية أداء أفعاله الخاصة
بإرادته والتخطيط لمستقبله ومن هنا فإن للاختيار أهميته الخاصة في:
·
وعي
المراهق لنفسه.
·
تحقيق
ذاته كشخصية حرة مستقلة وفاعلة.
كما
أن حرية الاختيار تفسح المجال أمام المراهق ليتعلم، ويعدل اتجاهاته وأنماط سلوكه،
ويغير قيمه ومواقفه، ويؤكد استقلاليته و(ذاته) النامية.
البحث عن القيم:
القيمة
هي جزء أساسي من الشيء الذي يحملها، لذلك فإن البحث عن القيمة يشكل جانباً جوهرياً
في عملية البحث عن المعنى.
فالمرء
يهتم بالأشياء التي لها وزن مثلاً أو تترك أثراً ويهمل كل ما هو تافه وغير مؤثر،
والإنسان بطبعه يميل لجانب دون آخر وبتعبير آخر: المرء ليس حيادياً في سلوكه أبداً
بل إنه يطلق دائماً أحكام قيمة على كل شيء موجود من حوله.
وتبدأ
عملية البحث عن القيم بالنسبة إلى الناشئ مع محاولات الأهل الأولى في مطلع حياته
إلى (تعزيز) بعض أنواع السلوك الحميدة التي يقوم بها الناشئ و(كف أو منع) بعضها الآخر.
كما أن عقاب الأهل على شيء غير جيد يقوم به المراهق أو مكافأته على فعل جيد توضح
للناشئ الأمر الجيد من الخطأ في سلوكه وتصرفاته.
والمراهقة
هي أول بوادر الاختيار في حياته فهي تتيح له أن يختار الأشياء التي لها معنى
ومحببة بالنسبة له بحرية بدلاً من خضوعه لما يفرضه عليه من حوله كما هو الحال في
مرحلة الطفولة.
وتعد
ذات المراهق أهم قيمة بالنسبة له ويسعى لتحقيقها والحفاظ عليها، وإن كان للمراهق
معنى في الحياة ففي ذاته التي يحققها وإن كان له قيمة فهي قيمة تلك الذات النامية.
إرسال تعليق