هو
تشارلز روبرت داروين، عالم طبيعة وجيولوجي إنجليزي، اشتُهر خصوصاً بنظرية التطور
الذي حقق من خلالها نقلة نوعية في تاريخ العلوم الطبيعية. وُلد في " Shrewsbury" (انجلترا) سنة 1809 وتوفي في " Down"
سنة 1882.
درس
الطب في جامعة "أدنبرة"
(اسكتلدنا) مدّة عامين (1827-1825)، ثم انصرف عنه إلى الدراسات اللاهوتية في كلية
المسيح في كامبريدج، ولكنه لم يكملها.
واصل
دراسة العلوم الطبيعية من سنة 1831 إلى سنة 1836 حيث قام برحلة على سفينة " Beagle"
زار خلالها شواطىء أميركا الجنوبية عبر المحيطات
وصولاً الى أستراليا وأفريقيا، وكتب عن رحلته تحت عنوان "يوميات
أبحاث في التاريخ الطبيعي والجيولوجيا للبلاد التي زرناها على متن سفينة البيجل".
بعد
عودته من هذه الرحلة أقام في كامبريدج ولندن حتى سنة 1842، ثم انعزل في قرية "
Down".
في Down كتب مؤلفاته الشهيرة، "أصل
الأنواع" 1859، "تغير الحيوان والنبات تحت تأثير الاستئناس" 1868، "سلالة
الإنسان والانتخاب فيما يتعلق بالجماع" 1871، و"التعبير عن الإنفعالات
في الإنسان والحيوان" 1872.
اعتمد
داروين على ما كتبه "لامارك" (Lamarck) في كتابه "فلسفة الحيوان" 1808، الذي بيّن فيه تأثير الظروف المحيطة
وما ينجم عنها من آثار في إحداث إنحرافات عن الطريق المعتاد للطبيعة. واعتمد أيضا
داروين على "تشارلز
ليل" (Ch. Lyell)
في كتابه "مبادىء الجيولوجيا" 1830، فراح داروين يقوم بالتجارب العديدة
ويسجّل الملاحظات الدقيقة عن أحوال الحيوانات والنبات في مختلف المناطق التي
زارها، ممّا جعله يأخذ بفكرة التحوّل [التحوّل هي فكرة قديمة ذات جذور يونانية،
أيّ التحول البطيء في أنواع الحيوانات والنباتات].
لاحظ
داروين بعد ما توصّل إليه القائمون على استئناس الحيوان في إيجاد أنواع مهذبة من
الحيوانات البرية الأصل، فرأى أنّ الطبيعة تقوم بمجموعها على الانتخاب الطبيعي
والصناعي.
طبّق
داروين ما قال به "مالثيس" (Malthus)، أن وسائل البقاء تتناقص كلما زادت أعداد الحيوانات، فقال داروين
أنّ الحيوان يتنازع البقاء بعضه بعضاً، فيحدث ذلك انتخاباً طبيعياً تكون الغلبة
فيه للجنس المزوّد بغرائز وأعضاء تجعله أقدر على البقاء، وفي الأحوال القُصوى تنشأ
أنواع جديدة لديها وسائل تجعلها أقدر على التكيف. مقولة البقاء للأقدر على التكيف
هي لـ"هربرت اسبنسر" استعارها داروين وجعلها مكمّلة لنظريته في تنازع
البقاء.
في
رحلته على سفينة "البيجل" لاحظ الروابط البيولوجية بين الحيوانات الحالية
والحيوانات البائدة في أميركا الجنوبية، وخصائص توزيع الأحياء في المناطق المختلفة
منها، فانتهى إلى التفكير في إثبات علاقة نسبٍ بين الأنواع الحيوانية، وأنه لم
يوجد كل نوع منفرداً قائماً بذاته بل انحدر بعضها من بعض بتأثير عوامل البيئة
المحيطة.
جاء
في كتابه "سلالة الإنسان" أنّ ملكات الإنسان العقلية وغرائزه وتصوراته
الأخلاقية والدينية هي نتاج تغيّرات بيولوجية مفيدة، انتقلت ورُسّخت في النوع
الإنساني بواسطة الوراثة. هذه النزعة العلمية في تفسير الظواهر العقلية للنوع
البشري تتجلّى أيضاً في كتابه "التعبير عن الإنفعال في الإنسان والحيوان"
إذ يعرض فيه علم نفسٍ قائم على أسس فيزيولوجية خالصة.
أجاب
داروين على من اتهموه بالإلحاد وإنكار الدين بما يلي:
"في
تذبذباتي الكبرى لم أصل أبداً الى الإلحاد، أيّ إنكار وجود الله ولكنّني أعتقد على
وجه العموم، وكلّما أمتدّ بي العمر أنّ الوصف الأدقّ لحالتي العقلية هي اللاأدرية (Agnosticism) .
والجدير
بالذكر صحّة القول أن داروين هو من وضع الأسس النظرية للتطور، لكنّ التطور كعلم لا
يعتمد حالياً فقط على ما قدّمه داروين، بل أصبح يعتمد على علم الوراثة والكثير من
الروافد الأخرى التي تُثبت مع الوقت صحّة النظرية القائلة بتحدّر الأنواع من بعضها
البعض
A.
Mignon, pour et contre le transformisme, D et vialleton, parigi 1934
R.
Hofstadter, social Darwinism in American thought, filadelfia 1944
إرسال تعليق