
أسرار التنمّر على عبدالحليم حافظ
«ولد مش على بعضه» كيف عاني«حليم» من التنمر في الملجأ؟
«كنت طفلًا صغيرًا في بنطلون قصير كاكي اللون، البنطلون واسع جدًا، والشهر أكتوبر والزقازيق تتمتع ببرودة مبكرة، وهذا هو اليوم الأول في الملجأ ذهبت إليه بناء على أوامر عم محمود حنفي، مدرس الموسيقى في مدرستي الابتدائية».
من هنا بدأ عبدالحليم حافظ يروي حكايته في الملجأ لمجلة صباح الخير سنة 1977.
كراهية الحساب
كره عبدالحليم حافظ شراء الأقلام والكراسات والكتب للمدرسة أثناء وجوده في الملجأ، كان يحس أنه يحمل همًا كبيرًا، فهو يعيش في بيت خاله وأخته تقيم في نفس المنزل وليس لهم مورد مالي، و«إسماعيل» شقيقه موظف في معامل وزارة الصحة وهاوٍ للغناء، فكان يكره"حليم" كونه ضيفًا على خاله، فلم يطلب من أحد أى نقود وهو طفل.
وكره "حليم" مادة الحساب في المدرسة، فكانت دواية الحبر بالنسبة له تمثل الفزع الأكبر. فمدرس المادة كان رجلا قاسيا، وكانت سن الريشة تنقط بالحبر غصبًا عنه على الكراسة وتكون النتيجة مشكلتين في معظم أيام الأسبوع، الأولى: أن ينظر إلى أخته "علية" حتى تعطيه ثمن كراسة جديدة، والثانية: أن يجلس ويكتب حلًا لمسائل الحساب كلها، وكان يكره الحساب تمامًا، قال:"مالي أنا بتاجر كسب محله خمسة جنيهات واشترى بضائع بجنيهن فماذا تبقى له؟مسافة صعبة جدًا، لأن الذي يتبقى لمثل هذا التاجر ثلاثة جنيهات وأنا ومرتب أخي وأختي نصرف مثلهم كل شهر، نعم كنت أكره الحساب والعربي أيضًا والعلوم والإنجليزي".
وحتى لا يكلف نفسه أن يصرف ثلاثة قروش هي أجر الحلاق، كان يترك شعره طويلًا جدًا، حتى يقصّه. فكان حساسًا للغاية من ناحية النقود، إلى أن تخرج من المعهد المتوسط وأكمل دراسته بالمعهد العالي للموسيقى، وبدأ في تسلم وظيفة مدرس في وزارة التربية، مدرس صغير السن جدًا وكانت فرحته بأول مرتب له فوق الحدود.
اليتم والبلهارسيا
كان عبدالحليم حافظ يسير في طريقه من مدرسة الملجأ إلى بيت خاله، فيجد بعض النقود في الأرض، قرش، نصف فرنك.
كانت هذه النقود سند عبدالحليم حافظ، فتساعده على شراء الحلوى، كما يختار شخصًا يتيمًا مثله ليعطيه من الحلوى.
لكن الحفلات التي كان يغني فيها عبدالحليم حافظ في الملجأ في غرفة الموسيقى مع فريق التمثيل، سيئة، وأسوأ ما فيها المعاملة الشرسة من المشرفين على الملجأ أثناء التحضير للحفل، يروي"حليم": "كان هذا الحفل يحضره ناس ملابسهم نظيفة وأسوأ ما فيهم أنهم كانوا يختارون بعض الموجودين في الملجأ ممن لا أهل لهم للعمل كخدم".
كان العندليب يحس أن هؤلاء الزوار يتفرجون على سيرك للفقراء، ولهذا كان يفرح للغاية عندما يغني في حفلات للفقراء. وكأن الملجأ سيركا لتدريب وحوش صغيرة لا أهل لها.
كره"حليم" لحظة دخول دورة المياه، قال:"كنت ألاحظ أن البول يعقبه بضع قطرات من الدم، وهذا معناه أن هناك إبرًا ستدخل جسدي، هي إبر البلهارسيا، وكنت أخاف منها جدًا، وكثيرًا ما كنت أخرج من التواليت وأنا أكاد أبكي لأني لن أكذب على "علية" وسأقول لها إنني لاحظت وجود دم في البول وأختي"علية" لن تكذب على "إسماعيل" وبالتالي سيصطحبني للمعامل الطبية والبلهارسيا في جسدي وأهرب في إحدى المرات وأتناسى ميعاد الإبر". حسب صباح الخير-1977.
ولد مش على بعضه
كان العندليت يمشى في الملجأ بخجل، فيقولون إن مشيته غير طبيعية، يروي"حليم": يقولون إن مشيتي ليست طبيعية إنها مشية "ولد مش على بعضه".
إرسال تعليق