تحليل ومقارنة لعقيدة الأشاعرة والمعتزلة
![]() |
تحليل ومقارنة لعقيدة الأشاعرة والمعتزلة |
إن علم الكلام المعتزلي هو اتجاه سني عقلاني. كما أن فكر الفلاسفة وفكر ابن خلدون، ينتميان إلى الاتجاه العقلاني الأكثر تطورا. وبالمقابل فإن فكر ابن حنبل, مثلا، ينتمي إلى الاتجاه السلفي النصي.
لقد تطرقنا في موضوعنا سابق خاص بالإيديولوجيا الشيعية بعنوان الأسس الأديولوجية التي يقوم عليها الفكر الشيعي ورأينا أنها تعتمد أساسا على مفهومي الإمامة والباطنية أي أن الإمام المنحدر من ذرية علي كرم الله وجهه وزجته فاطمة بنت رسول الله (ص) هو الأقدر على فهم باطن الآيات وتلقي الالهام من الله عز وجل وهذا يكرس لا عقلانية المذهب الشيعي. وهذا التركيب بين لا عقلانية الفكر الشيعي وبين عقلانية الفكر المعتزلي وامتداده، قد أعطى ما أصبح معروفا بالأشعرية نسبة لأبي موسى الأشعري.
فلسفة الفكر المعتزلي
إن مفهوم المعتزلة للتوحيد مفهوم مطلق متعال. وهذا يعني توحيد المعتزلة بين جوهر الله وبين صفاته وأوصافه، أي أنهم ينكرون أن تكون لصفات الله تعالى (الجسم، الوجه، اليدان...), وأوصافه (العلم، الحكمة، القوة...) وجودا متميزا عن الجوهر. لذلك فتلك الصفات والأوصاف، هي نفسها جوهر.
من هذا التوحيد، استخرج المعتزلة مفهوم "التعطيل". والتعطيل يعني حصر الفعل الإلهي في الوجود العام للكون، دون تجاوزه للتدخل في أفعال البشر الجزئية.
ومن مفهوم التعطيل، استخرجوا مفهوم "القدرة" البشرية، فهي موجودة لأن قدرة الله معطلة حسب زعمهم. ويعنون بذلك أن العبد يمتلك القدرة على خلق فعله الخاص بحرية، لأن الحرية تعني المسؤولية. والمسؤولية غير ممكنة بدون وجود عقل قادر على التمييز بين الفعل الحسن والفعل القبيح، بين الخير والشر. هكذا إذن، وظف المعتزلة تلك السلسلة من المفاهيم المنطقية للوصول إلى نتيجة واحدة: تقديس العقل.
ما رد الأشعرية على هذه النظرية؟
على هذا الصعيد، فإن للاعتراض الأشعري ما يبرره. إن ابن الروندي، أحد المعتزلة الراديكاليين, يقول بصدد مقارنته بين العقل والنبوة: إما أن النبوة متفقة مع العقل، وفي هذه الحالة فهي زائدة. وإما أنها غير متفقة معه، وفي هذه الحالة، فإنها مرفوضة.
مقابل تلك العقلانية المتميزة للمعتزلة، حاولت الأشعرية تأسيس عقلانية أكثر اعتدالا، قائمة على التوفيق. لذلك فهي في الوقت الذي توجه فيه نقدها للاتجاهات اللاعقلانية، وتصر على ضرورة المنهج البرهاني القائم على العقل، تؤكد في نفس الوقت على أن العقل لا يجب أن يصل إلى الحدود التي يمكن فيها أن يدخل فيها في تناقض مع مبادئ الإيمان الأساسية.