-->

قصة حاكم: ملك ألمانيا المجنون

اشتهر (لودفيك الثاني) على أنه ”الملك المجنون“ (1845 – 1886)، وكان ملكاً لـ(بافاريا) –التي هي جزء من ألمانيا حالياً— من سنة 1864 إلى غاية وفاته سنة 1886. كان سخياً على الفن والفنون، وقد كان معجباً جداً بأعمال الملحّن (ريتشارد واغنر)، وخلال فترة حكمه كرّس نفسه للمشاريع الفنية والهندسية، بما في ذلك قلاع تبدو وكأنها مستوحاة من قصص الخيال التي قام بتمويل تشييدها بسخاء وبذخ لدرجة تسبب في إفلاس نفسه.

بعد أن انضمت (بافاريا) للإمبراطورية الألمانية في سنة 1871، انسحب (لودفيك) من الحكم، ولم يعد يشغل باله سوى بالتدخل بين الحين والآخر بشؤون الدولة، وانطوى في عزلة مرضية كرّس فيها نفسه لشغفه الحقيقي: الفنون.
كان الملك (لودفيك) يقدس المسرح والأوبيرا، خاصة أعمال (ريتشارد واغنر)، الذي كان من أشد المعجبين به، وسرعان ما تطور لديه كذلك هوس غريب بمشاريع المباني الفاخرة في الجبال البافارية، بدأ ذلك مع قصر (ليندرهوف)، الذي استغرق تشييده تسعة سنوات من 1869 إلى غاية 1878، وبالتزامن مع قصر (ليندرهوف)، بدأ بناء أشهر مشاريعه وهو قصر (نوشوانشتاين)، وهو عبارة عن قلعة تبدو مستوحاة من قصص الخيال التي تتموقع فوق قمة جرف عالٍ وتم تزيينها بمشاهد من أوبيرا (واغنر)، وانطلق في بنائه من سنة 1869 وفرغ منه في سنة 1886، وهو نفسه القصر الذي ألهم قلعة «الحسناء النائمة» في (ديزنيلاند).
وبينما كان القصر السابق قيد البناء، بدأ (لودفيك) مشروعاً طموحاً آخر في سنة 1878، وهو قصر (هيرينشيمسي)، نسخة عن قصر (فيرساي) في فرنسا، غير أنه لم يكتمل إنجازه أبدا لأن ”الملك المجنون“ أفلس قبل ذلك.
بين هجر واجباته الرسمية وإهمالها، والإنفاق غير المسؤول، والانطواء تحت حياة معزولة وبعض السلوكات الغريبة الأخرى، نال وزراء (لودفيك) كفايتهم منه أخيراً، وفي سنة 1886 تم اعتباره شخصاً مجنوناً من طرف مجلس من الأطباء والخبراء وأُرسل إلى قصر بعيد بمرافقة من أحد الأطباء النفسانيين.
بعد ثلاثة أيام، قام بإغراق نفسه في بحيرة آخذاً معه الطبيب النفسي الذي كان برفقته، واليوم يندرج إرث الملك المجنون الهندسي والفني ضمن أكثر المواقع السياحية زيارة في (بافاريا).