-->

روايات وأشعار شهوانية من التاريخ البشري تجعل من الرواية الشهيرة «خمسون درجة من جراي» هزيلة جدا


https://dkhlak.com/wp-content/uploads/2019/09/59787-000.jpg

الجنسانية موضوع دائمٌ في الكثير من الحركات الفنية، منذ أقدم الأشعار وصولاً إلى رواية «خمسون درجة من جراي» أو Fifty Shades of Grey بالإنجليزية. حيث تفيد إضافة بعض المواضيع الشهوانية إلى الرواية في إعطاء صورة عن الوضع الاجتماعي في الفترة التي نُشرت فيها، كما تستكشف مواضيعاً محرمة وتمس الـ”التابو“ الاجتماعي، كقصص الخيانة الزوجية والبغاء والفيتشية الجنسية.


يسرد بعض الكتاب قصصاً جنسية كي يثيروا صدمة القراء، بينما يزج بعضهم بهذه القصص ضمن رواياتهم لإضفاء طابعٍ كوميدي عليها. وعلى أي حال، جمعنا لك في هذه المقالة مجموعة من القصص والروايات والأشعار القديمة، والتي تقدم محتوى جنساني لم تسبق أن سمعت به من قبل، ولا تستطيع أشهر الروايات الفاضحة، وهي رواية (خمسون درجة من جراي)، أن تجاري هذه الأعمال القديمة المليئة بالقصص الشهوانية والفاضحة.
1. كتاب «الديكاميرون» من خمسينيات القرن الرابع عشركتاب الديكاميرون. صورة: kobo

يحتوي أدب العصور الوسطى على بعض الإشارات الجنسية، لكن في ذلك العصر، كانت الكنيسة هي المسيطرة على جميع أشكال الحياة عند الأوروبيين، لذا كانت تلك الروايات تعتبر فاضحة إلى حد لا يمكن وصفه.

في قصتنا هذه، يلتجأ 10 أشخاصٍ إلى فيلا في إيطاليا هرباً من الوباء المنتشر، ويروون قصصاً لتمضية الوقت، وكتاب «الديكاميرون» لجيوفاني بوكاتشيو يسرد حكايات عن علاقات حميمية جماعية والزنى والرغبة الشهوانية، وذلك ما صعق وأدهش سكان أوروبا في العصور الوسطى. أما القصة الأساسية التي يرتكز عليها الكتاب، فهي الموت الأسود أو وباء الطاعون الذي اجتاح أوروبا، لذا هاجر كل من استطاع إلى الأرياف أملاً بتجنب الموت.

من إحدى القصص التي جاءت في كتاب «الديكاميرون»، وهي قصة مضحكة بعض الشيء، هي قصة الراهب الذي يخدع شابة عذراء ليقيم معها علاقة فاضحة بحجة أن الشيطان موجود داخل عضوه الذكري. ومن إحدى القصص الأخرى، راهبات يعشن في ديرٍ ويمارسن الحميمية مع عامل الحديقة. وامرأة تمارس العلاقة الحميمية مع حبيبها فوق برميل ينظفه زوجها. جميع هذه القصص تجمع بين الشهوانية والكوميديا، لذا طبعت مجلة (بلايبوي) الشهيرة عدة قصص من الكتاب في كل إصدار في السنوات الأولى لبداية النشر.

منعت حكومات عددٍ من الدول كتاب «الديكاميرون» لأكثر من 600 عام. فالقصص تتعدى كونها شهوانية، حيث انتقد كاتبها (بوكاتشيو) الكنيسة الكاثوليكية، وندد بالفساد والمفسق المنتشر داخلها.

وبعد مرور قرن على نشر الكتاب أول مرة، نشرت الكنيسة الكتاب بعد إجراء تعديلات على الشخصيات، فحوّلت الرهبان والراهبات إلى لوردات وسيدات. ووصل الأمر ببعض الدول، كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، إلى منع الكتاب حتى في القرن العشرين.
2. قصيدة «سينيور دايلدو» عام 1673جون إلموت، الإيرل الثاني لروشستر. رسم اللوحة الفنان جيكوب هويزمانز بين ستينيات وسبعينيات القرن السابع عشر.

في نوفمبر من عام 1673، وصلت (ماري) من مودينا إلى لندن لتجهز نفسها وتصبح زوجة (جيمس)، دوق يورك وشقيق الملك وقتها (تشارلز الثاني). اعترض البرلمان على هذا الزواج بسبب مذهب (ماري) الديني، حيث كانت (ماري) كاثوليكية من إيطاليا.

هناك رجلٌ اسمه (جون ويلموت)، وهو الإيرل الثاني لـ(روتشيستر)، وأحد الإنجليز المعروفين بحس الفكاهة، وهو صديق للملك فوق كل ذلك. سخر (ويلموت) مراراً وتكراراً من هذا الزواج، وأراد مع مجموعة من رفاقه الترحيب بـ(ماري) على طريقتتهم، فوضع قصيدة «سينيور دايلدو»، وهي قصيدة ساخرة عن حسنات الصفقات المعروفة باسم الزواج السياسي.

وضح (ويلموت) أن نساء إنجلترا ربما يكنّ أكثر تقبلاً لفكرة ”القضيب الاصطناعي“ أو الـ”دايلدو“، وهي آلة إيطالية المنشأ. وبذلك، حوّل (ويلموت) هذه الأداة إلى شخص نبيل اسمه السيد دايلدو يفتن نساء البلاط الملكي في انجلترا. وهكذا أرسل (ويلموت) ورفاقه رسالة صريحة: وهي افتتان عشيقات الملك (تشارلز) وانجذابهن إلى النبيل (دايلدو)، وتلك سخرية واضحة من الملك.

انتشرت هذه القصيدة في فترة ظهر فيها عملٌ آخر انتقد الملك وعلاقاته الغرامية، لذا طرد الملك الغاضب صديقه (ويلموت) من البلاط الملكي، وانتهت علاقتهما إلى الأبد حتى مات (ويلموت) عام 1680.
3. رواية «فاني هيل» عام 1784رواية فاني هيل. صورة: christies

رواية شهوانية من كتابة (جون كليلاند)، واسمها الأصلي «مذكرات امرأة شهوانية»، لكنها تُعرف باسمها الأكثر شهرة Fanny Hill. فضحت تلك الرواية المجتمع البريطاني في القرن الثامن عشر، حيث قدّمت توصيفاً دقيقاً للدعارة وشبق الجَلْد والعلاقات المثلية.

نُشرت هذه الرواية عام 1784، وتبقى من أشهر الكتب الممنوعة على مر التاريخ. تدور أحداثها حول إحدى بائعات الهوى السابقات والتي تكشف في رسالةٍ إلى صديقة سابقة جميع التفاصيل الدقيقة عن مهنتها السابقة. يُشار إلى هذه الصديقة بلقب ”مدام“ فقط، وتكشف كاتبة الرسالة تاريخ حياتها ومشاركتها في علاقات مثلية مع بائعة هوى أخرى، بالإضافة طبعاً إلى علاقة حميمية مع عدة شركاء، كما شهدت أيضاً علاقات مثلية بين رجال. تُصعق السيدة متلقية الرسالة بهذه الأنباء، خاصة تلك المتعلقة بالعلاقات المثلية.

الرواية عملٌ أدبي بصرف النظر عن محتواها الصاعق نوعاً ما، حيث كانت ثورة على شكل الرواية التقليدية. حيث أوضحت أن المتعة الحميمية ليست أمراً مخجلاً، وهي بذلك أول رواية إنجليزية من القرن الثامن عشر تطرح فكرة كتلك. كانت الروايات المكتوبة على شكل رسالة اتجاهاً دارجاً في تلك الفترة، لكن موضوع الحميمية لم يكن كذلك، بل كان وصمة مخجلة أو ”تابو“. حيث اقتصر ذكر الجنس في الأدب البريطاني قبل صدور «فاني هيل» على السيَر، والتي شجعت النساء على عيش حياتهنّ بفخر ورفض الاستسلام للمتعة الجنسية.

كان لرواية «فاني هيل» سمات تدل على أدب العصر. فهي حكاية فضيلة تشيد بفضائل المجتمع البريطاني، معتبرة جميع أشكال العلاقات غير المغايرة –سواء كانت علاقات حميمية عابرة أو زيجات –هدامة وتخريبية وتشجبها بشدة.

عندما كتبت (فاني) إلى صديقتها تخبرها عن مشاهدة رجلين يمارسات علاقة حميمية، أدانت الصديقة هذا التصرف مستخدمة كلمات ثقيلة. تركز الرواية بشدة على الزيجات المغايرة وعلى أهمية الزواج بعد الحب، وذلك يظهر في نهاية الرواية عندما تتزوج (فاني) واحداً من زبنائها.
4. رواية «120 يوماً في سدوم» عام 1785رواية 120 يوم في سدوم. صورة: amazon

في هذه الرواية، يلتجئ 4 رجال أغنياء إلى (شاتو دو سيلينغ)، وهو ماخورٌ في قلعة ألمانية معزولة من القرن الثامن عشر. وعند وصولهم، تسرد 4 سيدات تجاربهن المتعددة مع الرجال، والتي تتراوح بين العلاقات الحميمية إلى الفتش الجنسية وصولاً إلى العنف. يقوم الرجال بتطبيق ما سمعوه من قصص فاضحة وحميمية، ويمارسون تلك الأفعال مع فتيات الهوى اللواتي يعملن في القلعة، فيقومون بتعذيبهن وقتلهن. ما يجري ليس فيلم رعب، بل تلك رواية «120 يوماً في سدوم» لكاتبها النبيل الفرنسي (ماركيز دو ساد).

يروي الكاتب الأفعال الجنسية المروّعة بتفاصيلها، لكنه يعترف باختلاف الآراء حول ما هو مثير أم لا. يُشتهر (ماركيز دو ساد) برواياته التي تتميز بالعنف الجنسي، حيث يستلهم أحداث شخصياته من حياته الواقعية. في عام 1785، اعتقلت السلطات الفرنسية (ماركيز دو ساد) لاعتدائه على مجموعة من فتيات الهوى، وعندما كان (دو ساد) في سجن الباستيل، كتب رواية «120 يوماً في سدوم» على أوراقٍ هُرّبت إلى زنزانته.

في أوائل شهر تموز من عام 1789، أحدث (دو ساد) فوضى في السجن، فقام السُجان بنقله إلى مصحة Charenton للمجانين، لكن لم يتسنّ للرجل أن يأخذ كتاباته معه. وبعد عدة أسابيع، أي في الرابع عشر من شهر أيلول عام 1789، اقتحمت جماعة من الفرنسيين سجن الباستيل، وبدأت بذلك الثورة الفرنسية. كان الـماركيز مُدمراً بفعل هذا الحدث، حيث أوضح في كتاباتٍ لاحقة أنه ”بكى دماً“ لشدة تأثره بخسارة كتاباته. طبعاً، عُثر لاحقاً على إرث (ماركيز دو ساد) مخبأً في جدران زنزانته.

كان للرواية عشاقها بالرغم من تفصيلها المزعج نوعاً ما للعنف الجنسي. نشر الرواية طبيبٌ نفسي مجهول الهوية من برلين عام 1904، معتقداً أنها دراسة نقدية للفتش الجنسية. وفي خمسينيات القرن الماضي، عبّرت الكاتبة الفرنسية الوجودية والنسوية (سيمون دو بوفوار) عن استيائها من خطط الحكومة الفرنسية المتمثلة بحرق النص الأصلي للرواية، حيث وضّحت (دو بوفوار) أهمية (الماركيز دو ساد) وعمله في إظهار قدرة الرجال على ارتكاب الشر. يرى بعض العلماء المعاصرين أن الرواية هي عمل ساخرٌ، تفضح الأعمال الأدبية من عصر التنوير والتي كانت تركز على فضائل الرجال.

قبل الفرنسيون بإسهامات (دو ساد) في الأدب الفرنسي، وأعلنوا أن النص الأصلي هو كنزٌ وطني بعد أعوامٍ من الصراع القانوني حول حقوق الملكية في عام 2017. أصبح اسم (ماركيز دو ساد)، من خلال هذا العمل أو الأعمال الأخرى التي تكتشف الرابط بين المتعة الجنسية والعنف، متعلقاً بالسادية، حيث أصبح المصطلح يُستخدم للدلالة على اللذة الجنسية التي يصل المرء إليها عن طريق العنف.
5. رواية «التركي الشبق» عام 1828رواية التركي الشبق. صورة: abebooks

تقع أحداث الرواية في انجلترا الجورجية، حيث تدور أحداثها حول نبيلتين إنجليزيتين تصبحان لاحقاً من الحريم (عاملات جنسيات) في أفريقيا الشمالية. تصف (إميلي بارلو) في رسالة إلى صديقتها (سيلفيا) كيف اختطفها القراصنة العرب خلال رحلتها إلى الهند عام 1814. ثم يشتريها علي، وهو داي الجزائر (الداي لقب كان يحمله حكام الجزائر خلال فترة الحكم العثماني)، ويلحقها بالحريم اللواتي يعملن لديه. تجد (إميلي) في النهاية، وبعد أن تتعرف على علي، أن معاملته الخشنة توقظ داخلها الرغبة الجنسية.

تعتنق (إميلي) شهوتها الجديدة، والتي تثير حنق صديقتها (سيلفيا) بلا شك. يسرق علي إحدى رسائل (إميلي) ويخطط لاختطاف صديقتها (سيلفيا). حيث يصل علي إلى سوق العبيد ويدعي أنه رجل فرنسي، ويقنع (سيلفيا) بالزواج منه كي لا تصبح عبدة جنسية، وهكذا يعود بها ليمارس علاقة معها ومع (إميلي). في النهاية، تقوم إحدى النساء القادمات حديثاً إلى دار علي بإخصائه قبل أن تقتل نفسها، ثم يقوم علي بوضع أعضائه في كؤوسٍ من النبيذ وتقديمها كهدية إلى (إميلي) و(سيلفيا)، ثم يرسل السيدتين إلى موطنهما انجلترا.

تبدو القصة غير منطقة وواقعية بالنسبة لنا اليوم، لكن اختطاف البشر على يد القراصنة العرب كان أمراً شائعاً في القرن التاسع عشر في انجلترا. وبالرغم من أن تلك الممارسة كانت في زوال، لكن القراصنة العرب والبربر كانوا يهاجمون السفن البريطانية والمدن الساحلية منذ مئات السنين، وكانوا يستعبدون الناس الذين يمسكون بهم. كانت فكرة ”عبودية البيض“ معروفة وشائعة وقتها، وكانت تخيف كل سكان انجلترا أو الساحل الانجليزي، أو الذين يرغبون بالسفر بحراً، فاحتمال تعرض الشخص للخطف كان كبيراً.
6. رواية «فينوس في الفراء» القصيرة عام 1870رواية فينوس في الفراء. صورة: simonandschuster

رواية قصيرة لـ(ليوبولد فون زاخر مازوخ) تستكشف الدورين، المهيمن (أو المسيطر) والخاضع، في العلاقات الجنسية، وهو سلوكٌ جنسي موثق في النصوص والفنون القديمة. في الرواية، يتقدّم النبيل الأوروبي (سيفيرن فون كوزيمسكي) إلى عشيقته (واندا فون دوناييف)، ويخضع نفسه لها كلياً، رغبة منه بأن يكون عبداً لها. ترددت (واندا) في البداية، لكن معاملة (سيفيرن) بطريقة سيئة ومهينة زادت من إثارتها.

يكشف (سيفيرن) في النهاية جذور سلوكه الخاضع: حيث يحكي عن عمته البغيضة التي أحبت ارتداء الفراء وعاملته بطريقة سيئة في طفولته، فجعتله يشكرها عندما كانت تضربه. وعندما سافر الزوجان (سيفيرن وواندا) إلى فلورنسا، ادعى (سيفيرن) أنه خادم (واندا)، وبالتالي ازدادت معاملتها له سوءاً. وأخيراً، تفقد (واندا) اهتمامها، وتكتشف أنها تحبّ أداء دور الخاضع مع رجال آخرين، فتهجر (سيفيرن). يختم (زاخر مازوخ) روايته بفكرة مفادها أن النساء إما خاضعات أو مهيمنات بالنسبة للرجال، وبالتالي لا يمكن أن يكون الرجال والنساء سواسية.

جسّد (زاخر مازوخ)، كسابقه (المركيز دو ساد)، اهتماماته الجنسية في هذه الرواية. ووفقاً لمذكراته التي نشرتها زوجته الأولى (أورورا فون روميلن)، فميول (زاخر مازوخ) الجنسية مشابهة بشكل صادمٍ لميول شخصيته (سيفيرن) في الرواية القصيرة. وتوضّح الزوجة أيضاً أن زوجها خاض عدداً من العلاقات، تحديداً مع كاتبة واعدة اسمها (فاني بيستور)، حيث كانت شخصية (واندا) تجسيداً لها. وقال الفيلسوف (جيل دولوز) –في دراسة من عام 1967 حول الاختلافات بين السلوك السادي والماسوشي تحت عنوان «البرودة والقسوة» –أن رواية «ينوس في الفراء» هي عملٌ من نوع السيرة الذاتية، حيث يصوّر الكاتب النساء المهيمنات جنسياً، واللواتي صادفهن في حياته الشخصية.

يرفض (زاخر مازوخ) الفكرة السائدة حول هيمنة الرجل، والتي تفيد بأن الرجل هو الطرف المهيمن في العلاقة، ويتجلى ذلك بوضوحٍ في روايته. في عام 1886، نشر الطبيب النفسي النمساوي (ريتشارد فرايهر فون كرافت–إبّنج) كتابه الحامل لعنوان Psychopathia Sexualis، حيث عرّف فيه الماسوشية (أو المازوخية)، وهي مصطلحٌ مشتق من اسم (زاخر مازوخ)، وهو ميلٌ جنسي يقتضي أن يكون صاحبه تحت سلطة الشريك المهيمن. بالطبع، لم يكن (زاخر مازوخ) سعيداً باستخدام اسمه لوصف تفضيلٍ جنسي، لكننا نعلم حتى اليوم بوصف أو تعريف المازوخية الذي وضعه (فون كرافت–إبّنج).
7. رواية «قصة العين» عام 1928رواية قصة العين. صورة: amazon

في عام 1928، نشر (جورج باتاي) واحدة من أكثر الروايات الفاضحة والمزعجة جنسياً في القرن العشرين، وهي مثالٌ صادمٌ عن الروايات الشهوانية في تاريخ الأدب. تدور الأحداث حول الراوي وعشيقته (سيمون)، والتي تملك شبقاً يتمثل بإدخال الأغراض المنتفخة، التي يشبه شكلها شكل البصلة، داخل جسدها كي تحصل على المتعة الجنسية. تنخرط (سيمون) في العديد من النشاطات الجنسية، كالتفضيلات والشركاء المتعددين. وخلال السرد، يصف الراوي علاقته مع عشيقته (سيمون) وامرأة أخرى، وكيف أصبحت أخلاقهما أكثر انحلالاً.

الممارسات الجنسية في الرواية تقشعر لها الأبدان، فمثلاً، يمارس العشيقان العلاقة الحميمية أمام والدة (سيمون)، ويمارسون العلاقة مع امرأة متخلفة عقلياً تفقد سيطرتها على الواقع في النهاية. وعندما تقوم بإنهاء حياتها، يمارس العشيقان العلاقة الحميمية فوق جثتها. يغادر الراوي وعشيقته (سيمون) البلد، ويقابلان أرستقراطياً إنجليزياً يشجعهما على الاستمرار بهذا السلوك. وعندما يزور الثلاثة (الانجليزي وسيمون والراوي) كنيسة ما، تقوم (سيمون) بإغراء قسٍّ في الكنيسة وتخنقه حتى الموت. يهرب الثلاثة إلى الأندلس حيث يشتري الأرستقراطي الإنجليزي يختاً للعشيقين كي يستمرا بممارسة أفعالهما المشينة.

كان (باتاي) واحداً من الأشخاص الذين اكتشفوا معنى الحياة والتجربة من خلال كتاباته، حيث أدرج مواضيع متكررة من الاضطهاد والشهوانية في رواياته. بالطبع، لم ترض دوائر الأدب والأدباء وقتها بتلك الرواية، لكن لاحقاً، حللّ بعض الأدباء والعلماء رواية (باتاي)، وكان ذلك جزءاً من حركة أدبية ظهرت في القرن العشرين اسمها ”أدب التعسف“ أو ”أدب التجاوز“، أي ذلك الأدب الذي يركز على شخصيات تنتهك القواعد الاجتماعية والعرفية المعروفة وتتحرر منها بطرقٍ محرمة أو غير سوية. استخدم الفيلسوف الفرنسي (ميشال فوكو) رواية «قصة العين» كمثالاً مهماً عن الأعمال التي أدت إلى جعل تجاوز الممنوع أداة أدبية، وذلك في مقالة له نُشرت عام 1963.

المواضيع التي تبيح تجاوز القواعد الاجتماعية حاضرة في الأدب الذي ينتقد القيم الاجتماعية، تحديداً في الأدب الشهواني الذي يفصّل الفتش والاستكشاف الجنسي. تشعر الشخصيات في هذا النوع من الأدب بأنها محاصرة من قبل قواعد أو سلوكيات المجتمع، لذا تلجأ إلى المخدرات والجنس والكحول للثورة على تلك القيود المجتمعية. ولم يظهر هذا النوع من الأدب كنوعٍ منفصل بحد ذاته حتى القرن العشرين، ووصل إلى ذروته في نهاية القرن، ويبقى حتى اليوم واحداً من أكثر أنواع الأدب تأثيراً وأنجحها تجارياً.
8. رواية «لوليتا» عام 1955رواية لوليتا. صورة: kobo

تدور أحداث الرواية حول بروفيسور في الآداب يتزوج من امرأة ليتلاعب بابنتها ويقيم معها علاقة جنسية. لازالت رواية «لوليتا» لكاتبها (فلاديمير نابوكوف) رواية مثيرة للجدل حتى بعد مرور أكثر من 60 عاماً على نشرها. انتقد العلماء والأدباء المعاصرون هذه الرواية بشدة بسبب توظيفها لـ «شهوة المراهقين» كموضوع فني –وشهوة المراهقين هي الانجذاب الجنسي للأطفال في مقتبل البلوغ. كما تعرّضت الرواية أيضاً للانتقاد بسبب تصغير «لوليتا» واعتبارها كائناً مرغوباً مجرداً من الأفكار والأحاسيس. لكن بالرغم من هذه الانتقادات والموضوع غير المريح للقارئ، تبقى «لوليتا» رواية كلاسيكية يُنصح بقراءتها.

بات الأطباء النفسيون اليوم على دراية بآثار الاعتداء الجنسي على الأطفال، فأصبحت ممارسات (هومبرت) مع (لوليتا) في الرواية غير مقبولة على الإطلاق. حيث يقنعها الرجل بفعل وإظهار ما تعتقد البنت أنه سلوكٌ جنسي. كما كان يرشوها مقابل خدمات جنسية، ويهددها بدار الأيتام إن هجرته. يذكر (نابوكوف) في الرواية أن إحدى حالات الاعتداء على الأطفال ألهمته ودفعته إلى كتابتها. في عام 1948، اختطف ميكانيكي سيارات في الخمسين من عمره، يدعى (فرانك لاسال)، طفلة في الـ 11 من عمرها تُدعى (فلورنس هورنر)، وقام بالاعتداء عليها جنسياً، وادعى أنه والده عندما حجزا في غرفة ضمن أحد الفنادق. تلاعب (لاسال) بـ (هورنر) بشكل كامل، وهددها بأنه سيرسلها إلى منشأة للأحداث إن لم تلبي له طلباته.
9. قصيدة «إلى موسى الداكن» To a Dark Moses بين عامي 1973 و1974لوحة بعنوان «الشجيرة المحترقة» للرسام (سيباستين بوردون) من القرن السابع عشر. صورة: Wikipedia

تربط الشاعرة الشهيرة (لوسيل كليفتون) بين المواضيع الدينية والشهوانية في قصيدتها «إلى موسى الداكن»، تطرح من خلالها إعلاناً هاماً عن قوة الجنسانية الأنثوية. استخدمت (كليفتون) تصويرات إنجيلية لتُقدّم نفسها على صورة ”الشجيرة المحترقة“ كما ورد في سفر الخروج (في العهد القديم)، حيث كانت الشجيرة مشتعلة على جبل سيناء، في إشارة إلى الموقع الذي أخبر فيه الله موسى أنه سيقود شعب إسرائيل إلى أرضهم الجديدة. وبالعودة إلى الرواية، كان وصف (كليفتون) لعشيقها، المتجسد في شخصية موسى، فاضحاً بعض الشيء، حيث استخدمت الشاعرة كلماتٍ كـ”عصى“ و”أفعى“ لوصف عشيقها.

كُتبت هذه القصيدة أثناء نشاط الحركة النسوية، وتلك فترة أصبحت فيها القوة الجنسانية النسائية جزءاً من الفكر النسوي، حيث استخدمت (كليفتون) الشجيرة المحترقة كاستعارة للدلالة على جنسانيتها. يُعد العمل واحداً من الأعمال الأدبية البارزة التي تحتفل بقوة النساء الجنسية عموماً، وتوضح أن المرأة لا تحتاج إلى رجلٍ ليشبع رغباتها، وتلك الفكرة هي مكوّنٌ جوهريٌ في الحركة النسوية، خاصة تلك التي ظهرت في العقود اللاحقة.